للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفصل السّابع

[كونتليان]

لما انشأ فسبازيان كرسياُ رسمياً للبلاغة في رومة عين في هذا المنصب رجلاً من أصل أسباني، وكان كثير من المؤلفين في العصر الفضي من أبناء تلك البلاد. وقد ولد ماركس فابيوس كونتليانس Marcus Fabius Quintilianus في كلاجوريس Calagurris (عام ٥٣؟ م) ثم رحل إلى رومة ليدرس فن الخطابة وافتتح مدرسة لتدريس البلاغة كان من بين طلابها تاستس وبلني الأصغر. ويصفه جوفنال بأنه كان في أيام شبابه وسيماً، نبيلاً، حكيما، حسن التربية، ذا صوت رخيم، ولقاء جميل، وهابه كمهابة أعضاء مجلس الشيوخ. وآثر العزلة في الشيخوخة ليكتب كتاباً يرشد فيه ولده إلى الطرقة المثلى لمعالجة فن الخطابة، واسم هذا الكتاب Institutio Oratoria (٩٦) " ظننت أن هذا الكتاب سوف يكون أثمن ما يرثه ولدي، وقد أظهر م الكفاية النادرة العجيبة ما أوجب على أبيه أن يحرص الحرص كله على تثقيفهِ … وقد واصل الليل بالنهار سعياً وراء هذه الغاية، وعجلت بإتمامها خشية أن ينصرم أجلي فيحول الموت بيني وبين إتمام هذا الواجب. ثم حلت بي الكارثة فجأة فأضحى نجاحي في عملي لا يهم إنساناً آخر أقل مما يهمني أنا نفسي … ذلك أني فقد من كان معقد آمالي ومن كنت أرجو أن يكون سلوة لي في شيخوختي (١١٧) ".

وكانت زوجته قد توفيت في سن التاسعة عشرة، وخلفت ولدين، توفي أحدهما في سن الخامسة "وكأنني قد فقدت بفقده إحدى عيني"، ولآن يختطف الموت ولده الثاني ويترك المعلم الشيخ "يعاني ألم فراق أقرب الناس إليه وأعزهم عليه".