للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥ - فوشيه وتاليران والنمسا: عام ١٨٠٩ م

عندما وصل نابليون إلى باريس (٢٣ يناير) وجد المؤامرات تختمر وسط استياء عام. فقد وصلت خطابات من الجنود من الجبهة إلى مئات من الأسر الفرنسية تُفيد أن المقاومة الاسبانية أعادت تشكيل قواها وأنها موطدة العزم علي طرد الفرنسيين، وأن ولسلي (أو ولزلي Wellesley) الذي تزداد قواته سيتحرك حالاً لطرد جوزيف (أخي نابليون) من مدريد مرة أخرى. ومن الواضح أن الحرب ستستمر وأن الصبية الفرنسيين سيجندون إلزامياً عاماً إثر عام ليفرضوا على الأسبان حكومة معادية لكنيستهم القوية وغريبة عنهم ومجرد وجودها يحطم كبرياءهم.

وواصل الملكيون في فرنسا مؤامراتهم للإطاحة بنابليون رغم تحركاته لاسترضائهم، وتم القبض على ستة متآمرين منهم فأعدموا رمياً بالرصاص في سنة ١٨٠٨، وتم إعدام آخر هو أرمان دي شاتوبريان Armand de Chateaubriand في فبراير سنة ١٨٠٩ رغم توسلات أخيه رينيه Rene الذي كان وقتها أحب كتّاب فرنسا للجماهير، وكان مصير عدد من اليعاقبة - لأسباب أخرى مختلفة - الموت أيضاً. وحتى في دوائر الحكومة الإمبراطورية بلغ السخط ذروته فقد راح فونتان Fontanes يردد لدى معارفه الكتومين أن الإمبراطور مجنون، مجنون تماماً، سيدمر نفسه ويدمرنا جميعاً وقال القول نفسه ديكري Decres لكن بشكل علني.

أما فوشيه وزير الشرطة فكان قد اكتسب تعاطف نابليون ومديحه لاكتشافه مؤامرات اغتياله لكن فوشيه كان قد بدأ يتشكك على نحو متزايد في سياسات سيده (نابليون) وفي أن مستقبله الشخصي سينتهي إلى انهيار لا مفر منه، لقد شعر فوشيه أن حكومتي النمسا وبروسيا المهزومتين واللتين رغم هزيمتهما لازالتا تحسان بالكبرياء، وحكومة روسيا المؤيدة تأييداً سطحياً (ظاهرياً) لفرنسا - سوف تتحد من جديد، عاجلاً أم آجلاً، يمولها الذهب البريطاني للقيام بانتفاضة أخرى ضد السيطرة الفرنسية غير المريحة.

وأكثر من هذا فإن نابليون قد يفقد حياته في واحدة من المعارك القادمة. فليس من المستبعد أن تصيبه طلقة تقضي عليه كتلك الطلقة التي أنهت - منذ وقت غير بعيد - حياة جنرال كان يقف إلى جانبه. إنه لا يجب أن يُوقع موته المفاجئ - ولا وريث له - فرنسا في فوضى تجعلها غير