يزال منتصراً في البرتغال واضعاً في اعتباره غزو أسبانيا حالما يعود الجيش الفرنسي الأساسي (العظيم) لمواجهة تحدّي النمسا. وأكثر من هذا فقد غادر جيش بريطاني مكوّن من ٢٠،٠٠٠ مقاتل بقيادة سير جون مور Moore، سالامنكا Salamanca في ١٣ ديسمبر وبدأ يزحف في اتجاه الشمال الشرقي آملاً في اجتياح فرق سول Soult بالقرب من برجوز.
ورد نابليون بسرعة على هذا التحدي فقاد قوة فرنسية رئيسية شمالَا عَبْر سيّراً دي جوداراما Sierra de Guadarrama آملاً في مهاجمة مؤخرة مور Moore والآن سيواجه - أخيراً - بمواهبه العسكرية وجنوده هؤلاء الانجليز المحتمين وراء البحر. وكان المرور عبر ممر جواداراما في عز الشتاء محنة قاسية لرجاله أشد وطأة من عبور الألب سنة ١٨٠٠. لقد عانوا وتذمروا وكادوا يقومون بتمرد عسكري لكن نابليون لم يوقف المطاردة. ولما علم مور بقدوم نابليون خاف أن تقع قواته بين جيشين فرنسيين، فتوجه بقواته غرباً بسرعة قاطعاً ٢٥٠ ميلاً على أراضٍ وعرة غطتها الثلوج حتى وصل كورونا Corunna ليستطيع مع قواته أن يلوذوا بالأسطول البريطاني.
وفي ٢ يناير ١٨٠٩ أصبح نابليون قريباً من مؤخرة هذا الجيش الإنجليزي عند أستورجا Astorga لكنه - أي نابليون - اضطر للتوقف بسبب أنباء مزعجة أتته من مصدرين: ففي النمسا كان الأرشيدوق كارل لودفيج يستعد استعداداً حقيقياً لخوض حرب ضد فرنسا، وفي باريس كان تاليران وفوشيه Fouche يؤيدان خطة للإطاحة بنابلين وإحلال مورا Murat مكانه. فترك نابليون مهمة تعقّب قوات مور Moore لسول وأسرع عائدا إلى فرنسا. أما وقد غادر السيد (نابليون) فقد تباطأ سول ولم يصل إلى كورونا حتى كان معظم القوات البريطانية قد آوى إلى سفن الأسطول. وقد قاد مور مؤخرة قواته ببطولة لحماية آخر مراحل ركوب السفن فأصيب بجرح مميت لكنه لم يلفظ أنفاسه الأخيرة إلاّ بعد اكتمال ركوب قواته سفن الأسطول البريطاني. وتحسَّر نابليون آه لو كان لدي وقت لتعقب الإنجليز، لما أفلت مني واحد منهم. إنهم لم يهربوا فحسب، بل لقد عادوا ثانية.