لما توفي طغرل بك في عام ١٠٦٣ خلفه ابن أخيه ألب أرسلان سلطاناً على السلاجقة، ولم يكن ألب أرسلان وقتئذ قد جاوز السادسة والعشرين من عمرهِ ويصفه أحد المؤرخين المسلمين بأنه رجل طويل القامة له شاربان بلغ من طولهما أن كان يضطر إلى ربطهما حين يريد الصيد، وأن سهامه لم تُخطئ مرماها قط. وكان يضع على رأسهِ عمامة عالية يقول الناس إن المسافة من أعلاها إلى طرف شاربه لا تقل عن ذراعين. وكان حاكماً قوياً عادلاً، كريماً بوجه عام، لا يتوانى عن مجازاة من يظلم الناس أو يغتصب مالهم من عمالهِ، كثير البذل للفقراء. وكان يقضي جزءاً كبيراً من وقته في دراسة التاريخ، كما كان مولعاً بالاستماع إلى أخبار السابقين وإلى الأعمال التي تكشف عن أخلاقهم، وأنظمة حكمهم وإدارتهم (١).
ولكن ألب أرسلان قد أثبت رغم هذه الميول العلمية أنه خليق باسمهِ-"البطل قلب الأسد" فقد فتح هراة، وأرمينية، وبلاد الكرج، والشام. وحشد إمبراطور الروم جيشاً مؤلفاً من مائة ألف جندي من مختلف الأجناس،