للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن طبيعة البشر أو نشوات الحرية. ولا بد إن كان هناك شيء محبب في رجل استطاع رينولدز وبيرك وجولدسمث الاستماع إليه ألف ليلو وليلة، شيء ساحر في إنسان استطاع أن يوحي بكتابة سيرة عظيمة، ويملأ صفحاتها الألف والمائتين بحياة لا يبليها الزمن.

[٨ - بوزويل في أيامه الأخيرة]

لما مات الدب الكبر حام حوله قطيع الأدباء ليلتقطوا من جثمانه بعض قوتهم. أما بوزويل نفسه فلم يتعجل، فقد عكف على "السيرة" سبعة أعوام، ولكنه أصدر في ١٧٨٥ "يومية جولة في جزر الهبريد مع صموئيل جونسن"، وقد طبعت ثلاث طبعات في سنة واحدة. وكانت هستر ثريل بيوتزي قد جمعت مادة عن أحاديث جونسن وعاداته، فصنفت الآن من هذه "الثريليات" "نوادر عن المرجوم الدكتور صموئيل جونسن، خلال سنيه العشرين الأخيرة" (١٧٨٦). وقد عرض الكتيب صورة لضيفها أقل إشراقاً مما سجلته في يوميتها يوماً بيوم، ولا ريب في أن رسائل جونسن الأخيرة لها قد خلفت فيها جرحاً لا يندمل.

ويلي ذلك في الحلبة-إذا خلينا أكثر من عشرة أسماء طواها النسيان الآن-"سيرة صموئيل جونسن" التي نشرها في خمسة مجلدات فاخرة السر جون هوكنز عام ١٧٨٧. وكان هوكنز قد لقي من التوفيق في عمله محامياً عاماً ما برز منحه لقب الفروسية (١٧٧٢) وحصل من الثقافة ما أتاح له تأليف كتاب جيد في "تاريخ الموسيقى" (١٧٧٦). وقد شارك جونسن في تنظيم نادي "آيفي لين" (١٧٤٩)، وكان أحد الأعضاء الأصليين في "النادي". ولكنه تركه عقب جدال مع بيرك فلقبه جونسن بـ "الرجل الذي لا يصلح للأندية"، ولكن جونسن ظل صديقه، وكثيراً ما التمس مشورته، وقد عينه واحداً من منفذي وصيته. وبعد وفاة جونسن بقليل طلب جماعة من الكتبية إلى هوكنز أن يعلق على طبعة تضم آثار الدكتور ويقدم لها بترجمة للأديب. وقد أخذ على هذه الترجمة أنها كشفت عن عيوب جونسن في غير رحمة، وتشكك بوزويل في دقتها فيما بعد، ولكن