وزاد الطين بلة أن الموسيقى ألفها ألماني وفد مؤخراً على إنجلترا، هذا إلى أن الكلام كان بالإيطالية. ومما أفزع أديسون أن الأوبرا الجديدة حققت نصراً عظيماً، فما مضت ثلاثة أشهر حتى كانت قد عرضت خمس عشرة مرة اكتظ المسرح فيها دائماً برواده، ورقصت لندن على مختارات من موسيقاها، وتغنت بألحانها الأكثر بساطة (٣٩). تلك هي بداية الطور الإنجليزي في أروع سيرة في تاريخ الموسيقى.
[٤ - هندل]
١٦٨٥ - ١٧٥٩
أ - نشأته
كان جيورج فريدرش هندل (١) أشهر مؤلف موسيقي على عهد يوهان سباستيان باخ. انتصر في ألمانيا ودانت له إيطاليا الموسيقية، وكان روح الموسيقي وتاريخها في إنجلترا طوال النصف الأول من القرن الثامن عشر. واتخذ تفوقه قضية مسلمة، لم يجادله في ذلك مجادل، وشمخ في دنيا الموسيقى كأنه مارد مسيطر يزن ٢٥٠ رطلاً.
ولد في مدينة هاله بسكسونيا العليا في ٥٣ فبراير ١٦٨٥ قبل مولد يوهان سبستيان باخ بستة وعشرين يوماً، وقبل مولد دومنيكو سكارلاتي بثمانية أشهر. ولكن بينما أشرب باخ وسكارلاتي الموسيقي منذ طفولتهما، وأتيح لهما أبوان من مشهوري المؤلفين، وربيا على سلم موسيقي ملزم، ولد هندل لأبوين لا يكترثان للموسيقى؛ فأبوه كان الجراح الرسمي في بلاط الدوق يوهان أدولف أمير ساكس-فايسنفيلز، وأمه ابنة قس لوثري. ولم يرضيا عن إدمان الغلام على عزف الأرغن والهاربسيكورد، ولكن حين أصر الدوق بعد أن سمعه يعزف على ضرورة تدريبه على الموسيقى، سمحا له بأن يدرس على فريدريش تساخاو، عازف الأرغن بكنيسة ليبفراوينكيرشي في هاله. وكان تساخاو معلماً مخلصاً دقيقاً. فما بلغ جيورج الحادية عشرة حتى كان يؤلف
(١) كان في ألمانيا يوقع باسمه H (ndel ( هندل)، وفي إيطاليا وإنجلترا Hendel (٤١) .