لقد أشقى أغسطس نفسه إذ حاول أن يصلح قلوب الناس ويسعدهم معاً، وكان ذلك تطاولاً منه لم تغفره له رومة أبداً، ذلك أن إصلاح الأخلاق أشق أعمال الحكام وأكثرها دقة وخطورة، وقل من الحكام من جرؤ على محاولته، وقد تركه أكثرهم للمنافقين أو القديسيين.
وبدأ أغسطس هذا الإصلاح بداية متواضعة لوقف تيار الانقلاب العنصري في رومة. ذلك أن سكان رومة لم يكونوا يتناقصون كما قد يتبادر إلى الأذهان، بل كان هؤلاء السكان يزدادون زيادة مطردة بفضل المغريات الكثيرة، وما كان يوزع عليهم من الأرزاق وما يستورد من الثروة ومن الرقيق. وإذ كان المحررون ينالهم نصيبهم من الأرزاق التي توزعها الدولة، فقد أعتق كثيرون من المواطنين عبيدهم المرضى أو الطاعنين في السن لكي تطعمهم الدولة، وحرر أكثر من هؤلاء لبواعث إنسانية، كما استطاع كثيرون منهم أن يقتصدوا من المال ما يبتاعون بهِ حريتهم. وإذ كان أبناء المحررين يصبحون مواطنين رومانيين من تلقاء أنفسهم، فقد تضافر تحرير الأرقاء وتكاثر الغرباء مع قلة تناسل عناصر السكان الأصليين على تبديل الطابع العنصري لسكان رومة. وكان أغسطس يشك في إمكان استقرار أحوال بلد يسكنه هذا الخليط المختلف العناصر من الأهلين، ويرتاب في ولاء هؤلاء السكان إلى الإمبراطورية وهم الذين تجري في عروقهم دماء الشعوب المغلولة على أمرها. لذلك عمل على قانون فوفيا كانينيا Lex Fufia Caninia (٢ ب. م) وغيره من القوانين التي تبيح لكل من يملك عبداً أو عبدين لا أكثر أن يعتقه أو يعتقهما جميعاً، ولمن يملك-ثلاثة عبيد إلى عشرة أن يعتق نصفهم،