كانت الوصمة التي يوصم بها رخاء إيطاليا - إذا غضضنا النظر عن نظام الاسترقاق الذي كان نظاماً عاماً في الدول القديمة - هي اعتمادها إلى حدٍ ما على استغلال الولايات. لقد كانت إيطاليا معفاة من الضرائب لأن الولايات كانت تؤدى لها الشيء الكثير نهباً أو خراجاً، ومن ذبنكما النهب والخراج كان أصل الثروة التي نشأ عنها ازدهار المُدن الإيطاليّة. وكانت روما قبل عهد قيصر تعد الولايات أقاليم تمتلكها بحق الفتح، وتعد سكانها جميعاً رعايا رومانيين، ولم يكن منهم إلا عدد قليل يعدون ضمن المواطنين الرومان؛ وكانت أرض تلك البلاد بأجمعها ملكاً للدولة الرومانية، ويمتلكها أصحابها على أنها منحةً لهم من قبل الحكومة الإمبراطوريّة ومن حقها أن تستردها منهم وأرادت روما أن تقلل من احتمال قيام الثورات في الأقاليم المفتوحة فقسمتها ولايات صغيرة حرّمت على كل ولاية أن يكون بينها وبين غيرها من الولايات معاملات سياسية مباشرة، وكانت تفضّل رجال الأعمال على الطبقات الدنيى في جميع الولايات. وكان سر الحكم الروماني وشعاره هو فرّق تَسُدْ Divide et impera.
ولعل شيشرون كان يبالغ حين قال عن أمم البحر الأبيض المتوسط، في