انحطت السياسة الرومانية في خلال الخمس السنين الثانية من ولاية قيصر على غالة إلى الدرك الأسفل من الفساد والعنف، فقد كان القنصلان بمبي وكراسس يسيران في حكمهما على خطة شراء أصوات الناخبين، وإرهاب المحلفين، والالتجاء إلى القتل في بعض الأحيان (١٨). ولما انقضت مدة ولايتهما جند كراسس جيشاً كبيراً وأبحر به إلى سوريا، ثم عبر نهر الفرات، والتقى بالبارثيين عند كرهية Carrhae، ودارت الدائرة عليه لتفوق فرسان البارثيين، وقتل ولده في المعركة.
وبينا كان كراسس يرتد بقواته بنظام، دعاه قائد البارثيين إلى الاجتماع به، فأجاب الدعوة، ولكن القائد البارثي غدر به وقتله، وأرسل رأسه ليمثل به دور بنيثيوس Bentheus في احتفال في بلاط ملك البارثيين، مثلث فيه مسرحية باخية Bacchae ليوربديز Euripidis. وأصبح جيشه بغير قيادة، وكان قد مل القتال، فانحلت عراه وتبدد شمله (٥٣).
وكان بمبي في هذه الأثناء قد جمع له جيشاً، ولعله كان يبغي به إتمام فتح أسبانيا، ولو أن قيصر نجح في خططه لفتح بمبي أسبانيا القاصية، ولأخضع كراسس أرمينية وبارثيا، ولبسطت رومه سلطانها على هذه البلاد جميعها في الوقت الذي فيه قيصر يمد حدود الإمبراطورية الرومانية إلى نهري التاميز والربن. ولكن بمبي أبقى فيالقه في إيطاليا بدل أن يقودها إلى أسبانيا، إلا فيلقاً واحداً أعاره قيصر إبان الأزمة التي نجمت عن ثورة الغاليين. وحدث في عام ٥٤ أن انفصمت العروة الوثقى التي كانت تربطه بقيصر على أثر وفاة زوجته يوليا في أثناء