أما الملاهي فكانت كثيرة كما هي الحال في معظم الأقطار اللاتينية. فكان لروما كرنفالها السنوي قبل الصوم الكبير، وكانت الشوارع كما شهدها إيفلين عام ١٦٤٥ «تعج بالبغايا والمهرجين والغوغاء من كل شكل «لون»(٥٩) وكانت هناك سباقات في الكورسو، ترى فيها الجياد المغربية الفارهة، لا يمتطيها فارس ولكن تدفعها مهامز تتدلى على جوانبها، وسباقات للحمير، والجواميس؛ والشيوخ؛ والرجال العرايا، والغلمان، وكانت المسرحيات تمثل على مسارح متنقلة في الهواء الطلق. وكانت فنون الرقص والحديث والغزل تزين البيوت والحدائق والشوارع. وهل كان هناك إيطالي يجهل الغناء؟.
[٥ - مولد الأوبرا]
لقد شارك الدين، الحب، والرقص، والبلاط، بل حتى العمل، في مولد الموسيقى. ووجد إيفلين أهل الريف الإيطالي «غاية في المرح وإدمان الموسيقى، وحتى الزراع كانوا كلهم تقريباً يعزفون على القيثارة … ويمضون عادة إلى الحقل ومعهم كمانهم (٦٠)» وكان لكل بلاط دوق فرقة مرتلين وقائد للعازفين في الكنيسة؛ وفي فيرارا أثار رباعي من النساء اشتهر باسم «فرقة موسيقى السيدات» الدموع في عيني ناسو وأطلق قلمه بالقوافي. ونسجت أغاني الحب الشعرية شكاواها المتعددة الأصوات، فجعلت التعبد للمرأة حتى زواجها موضع توقير يكاد يرقى إلى توقير الابتهالات الموجهة إلى والدة الإله. وانطلقت القداديس وصلوات المساء والألحان والترتيل يصدح بها ألف أرغن. وحوالي عام ١٦٠٠ بدأت فرق من خصيان صغار تشنف آذان المصلين. ووصف زائر بروتستنتي موسيقى الكنيسة الكاثوليكية «التي يرتلها خصيان واصوات أخرى نادرة، تصحبهم الآلات الموسيقية، كالعود والبيان القيثاري والفيول؛ ترتيلا كاد