والصحة القومية، أما التجارة بأنواعها والمالية فتفتح الأبواب لكل ضروب الغش والاحتيال، ويجب على الدولة ألا تشجعها. ويجب أن يكون السفر كله على الأقدام أو على ظهور الدواب، وأن يكافأ الزواج المبكر والأسرة الكبيرة؛ وأن تسقط المواطنة عن الرجال الذين يظلون عزاباً إلى الأربعين. ويجب خفض الملكة الخاصة وزيادة ملكية الدولة. "بودي أن أرى الدولة المالك الوحيد؛ ولا يصيب الفرد من الملكية المشتركة إلا بنسبة خدماته (٨٠) "، وينبغي إلزام السكان بفلاحة أراضي الدولة إذا اقتضى الأمر، وأن تشرف الحكومة على التعليم كله، وعلى الآداب العامة كلها؛ وأن تشكل الحكومة نفسها على غرار الولايات السويسرية (الكنتونات).
وفي ١٧٦٨ اشترت فرنسا كورسيكا من جنوه؛ وجردت عليها جيشاً؛ وعزلت باولي، وأخضعت الجزيرة للقانون الفرنسي. وكف روسو عن المضي في مشروعه؛ وندد بالغزوة الفرنسية لأنها انتهاك "لكل عدل؛ وإنسانية؛ وحق سياسي، وتفكير سليم (٨١) ".
[٧ - اللاجئ]
ظل روسو عامين يحيا حياة متواضعة هادئة في موتييه؛ يقرأ؛ ويكتب ويرعى مرضه، ويعاني من إصابة بعرق النسا (أكتوبر ١٧٦٤)؛ ويحتفي بالزوار الذين تجيزهم تريز بعد الفحص. وقد وصفه أحدهم وصف عارف بالجميل فقال:
"أنك لا تتصور أي سحر في الاجتماع به؛ ولا أي أدب صادق في سلوكه؛ ولا أي عمق في سلوكه؛ ولا أي عمق من الهدوء والبشاشة في حديثه. ألم تتوقع صورة مغايرة تماماً لهذه الصورة؛ وألم تصور لنفسك مخلوقاً غريب الأطوار؛ جاداً دائماً لا بل فظاً أحياناً؟ فيا لها من غلطة! إنه يجمع إلى سمات اللطف الكثيرة نظرة من نار؛ وعينين لم ير قط مثل لحيويتيهما. فإذ تناولت موضوعاً يهتم به، تكلمت عيناه، وشفتاه، ويداه-وكل ما فيه. وأنت تخطئ كل الخطأ أن تصورته إنساناً لا يكف عن التذمر. فهو على النقيض يضحك مع الضاحكين ويثرثر ويمزج مع الأطفال؛ ويسخر من مديرة منزله (٨٢) ".