"لقد ذكرت كورسيكا يا سيدي في "عقدك الاجتماعي" على نحو يتيه به وطننا. وهذا الثناء من قلم مخلص كل الإخلاص كقلمك … أوحى بالرغبة القوية في إنك يمكن أن تكون المشرع الحكيم الذي يعين الأمة على الحفاظ على الحريات التي اقتنتها بدم كثير. وإني أدرك بالطبع أن المهمة التي أجرؤ على الإلحاح عليك في الاضطلاع بها تحتاج إلى معرفة خاصة بالتفاصيل … ولكنك إن تفضلت أن تقبل المهمة فسأزودك بكل المعرفة الضرورية لإنارتك. وسيبذل المسيو باولي … قصاراه ليرسل إليك من كورسيكا كل المعلومات التي قد تحتاج إليها. ويشاطرني رغبتي هذا الزعيم المرموق، لا بل جميع إخواني المواطنين الذين أتيح لهم الإطلاع على أعمالك، ويشاركني مشاعر الاحترام التي تشعر بها أوربا كلها نحوك، والتي أنت أهل لها لأسباب كثيرة جداً (٧٧) ".
ورد روسو (١٥ أكتوبر ١٧٦٤) بقبول المهمة، وطلب تزويده بالمعلومات عن طبيعة الشعب الكورسيكي، وتاريخه، ومشاكله. واعترف بأن العمل قد يكون "فوق طاقتي وإن لم يكن فوق تحمسي". ثم كتب إلى بوتافيوكو، في ٢٦ مايو ١٧٦٥ يقول:"غير إني أعدك أنه لن يكون لي اهتماماً فيما بقي لي من أجل غير نفسي وكورسيكا، وكل ما عدا ذلك من أمور سأقصيه عن أفكاري (٧٨) ". ثم عكف من فوره على وضع "مشروع دستور لكورسيكا".
واقترح روسو في مشروعه و"العقد الاجتماعي" في ذاكرته، أن يوقع كل مواطن على تعهد ملزم لا رجعة فيه بوضع نفسه-"جسدي وأملاكي وإرادتي، وكل قدراتي"-تحت تصرف الأمة الكورسيكية (٧٩). وحيا "الكورسيكيين البواسل" الذين ظفروا باستقلالهم، ولكنه نبههم إلى أن فيهم رزائل كثيرة-كالكسل، وقطع الطريق، والعداوات، والوحشية-ومعظمها ناجم عن كراهيتهم لسادتهم الأجانب. وخير علاج لهذه الرذائل أن يعيشوا عيشة زراعية خالصة. وينبغي أن توفر القوانين كل إغراء للشعب ليلزم الأرض بدلاً من التجمع في المدن، فالزراعة تعين على الخلق الفردي