رائعة لو كسبت لي شرف معرفتك إياي، والإعراب عن الإعجاب والاحترام العميق اللذين يشرفني أن يكنهما لك خادمك المتواضع المطيع جداً (٦١)".
وأجاب فولتير: "سيدي، إنك تجمع في شخصك موهبتين وجدتا على الدوام منفصلتين على الدوام، فهذان مبرران طيبان يحملانني على تقديرك ومحبتك".
وبهذين الخطابين من خطابات الحب بدأت خصومتهما الشهيرة.
[٥ - هل الحضارة مرض؟]
في عام ١٧٤٩ سجن ديدرو في فانسين عقاباً له على فقرات مهينة في كتابه "رسائل عن المكفوفين" وكتب روسو إلى مدام دبومبادور يلتمس الإفراج عن صديقه أو الإذن له بأن يشاركه سجنه. وخلال ذلك الصيف قام غير مرة برحلة دائرية طولها عشرة أميال بين باريس وفانسين ليزور ديدرو. وفي واحدة منها أخذ نسخة من مجلة الماركيز دفراني ليقرأ أثناء سيره. وهكذا وقع على الإعلان عن جائزة تقدمها أكاديمية ديجون لأفضل مقال يجيب عن هذا السؤال "هل أعان إحياء العلوم والآداب والفنون على إفساد الأخلاق أم على تطهيرها؟ " وأغراه الإعلان بدخول المسابقة، فهو الآن في السابعة والثلاثين، وقد آن الأوان ليحقق لنفسه الشهرة. ولكن هل بلغ من الإحاطة بالعلم أو الفن أو التاريخ مبلغاً يكفي لمناقشة مثل هذه الموضوعات دون أن يفضح ما تعليمه من قصور؟ وقد وصف في خطاب كتبه إلى مالزيرب في ١٢ مايو ١٧٦٢ بحماسته العاطفية المتميزة تلك الرؤيا التي تراءت له أثناء هذه المسيرة. قال:
"وفجأة أحسست أن مئات الأضواء المتلألئة تخطف بصري. وتزاحمت حشود من الخواطر النابضة بالحياة في ذهني بقوة واختلاط جعلاني أضطرب اضطراباً لا يوصف وأحسست برأسي يدوّم في دوار كأنني مخمور، وضاق