اتخذت ماري الترتيبات لتصل إلى إسكتلندة، قبل الموعد المضروب بأسبوعين، حيث خشيت بعض المقاومة في دخولها إلى البلاد، ولكن ما أن انتشر في العاصمة خبر وصولها إلى ليث حتى اكتظت الشوارع بالأهالي، الذين عرتهم الدهشة ليروا ملكتهم غادة جميلة مرحة مفعمة بالحيوية، لم تبلغ بعد التسعة عشر ربيعاً. وحياها معظمهم وهتفوا لها وهي على ظهر جوادها الصغير إلى قصر هوليرود، Holyrood وهناك رحب بها اللوردات، بروتستانت وكاثوليك، فخورين بأن يكون لإسكتلندة ملكة فاتنة إلى هذا الحد، يمكن يوماً ما، بشخصها أو بشخص ابن لها، أن تخضع إنجلترا لحكم ملك إسكتلندي.
وإن صورتيها (٨) اللتين وصلتا إلينا لتؤكدان اشتهارها بأنها من أجمل نساء عصرها. ولسنا ندري إلى أي حد استطاع الرسامان اللذان نجهل الآن اسميهما، أن يمثلاها، ولكنا نلحظ في اللوحتين كلتيهما، القسمات الوسيمة واليدين الناعمتين والشعر الكستنائي الغزير الذي سلب ألباب البارونات وكتاب السير. ومع ذلك فإن هاتين الصورتين لا تكادان تكشفان لنا عن الجاذبية الحقيقية للملكة الصغيرة-روحها المرحة، وثغرها الباسم، وحديثها العذب البارع، وحماسها المتدفق، وروح الألفة والحنان والمودة فيها، وتلهفها على الحب. وإعجابها المتهور بالأقوياء من الرجال، وكانت طامتها الكبرى أنها أرادت أن تكون امرأة وملكة معاً-أي أن تحس بدفء العاطفة، دون أن تنقص من امتيازات الملك. لقد فكرت في ذاتها بلغة قصص الفروسية-حسناوات مزهوات ولكنهن وديعات رقيقات، عفيفات شهوانيات في وقت معاً، وأهل للهفة المتقدة والألم الحسي، والإشفاق الرقيق، والولاء الذي لا تفسده الرشوة، والشجاعة التي تظهر عند الشدة. كانت بارعة في ركوب الخيل، تقفز بجوادها فوق الأسوار، وتتخطى الخنادق في اندفاع وتهور، وتستطيع احتمال مشاق الحملات دون كلل ولا شكوى. ولكنها لم تكن من الناحية الجسمية أو العقلية صالحة لأن تكون ملكة، فقد منيت بالاعتلال والضعف في كل شيء اللهم إلا قوة الأعصاب، وكانت عرضة لنوبات من الإغماء