وكان لا يكاد يستطيع أن يمتنع عن الصلاة على الروح القديس سقراط. وطلب من الكنيسة أن تختصر المذاهب الجوهرية للمسيحية "إلى أقل عدد ممكن وأن تترك للباقي حرية الرأي". ولم يدافع عن التسامح الكامل مع كل الآراء (ومن يفعل؟) ولكنه اتخذ موقفاً رفيقاً منحازاً نحو الهرطقة الدينية. وكان مثله الأعلى في الدين هو محاكاة المسيح ومهما يكن من أمر فإننا يجب أن نسلم بأن ممارسته للشعائر كانت أقل من أن توصف بأنها مطابقة لتعاليم الكنيسة الإنجيلية.
[٦ - الإنسان]
كيف عاش فعلا؟ لقد أقام إبان هذا العهد (١٥١٧) معظم وقته في الفلاندرز في بروكسل وأنتوب ولوفان-وسكن في خلوة أعزب مع خادم وإن كان كثيراً ما قبل ضيافة ذوي الثراء الذين كانوا يتسابقون على صحبته باعتبارها امتيازا اجتماعيا واحتفالا فكريا.
وكان أنيقاً قفي أذواقه وكانت أعصابه ومشاعره رقيقة إلى الحد الذي كان كثيراً ما يتألم فيه خشونات الحياة الشديدة. وكان يشرب النبيذ بكثرة ويتفاخر بقدرته على حمل الكأس بثبات، ولعل هذا كان بسبب داء النقرس والحصوات التي كانت تضايقه، ولكنه كان يعتقد أن النبيذ يخفف من ألمه بتوسيع شرايينه.
وفي عام ١٥١٤ وهو في الخامسة والأربعين أو الثامنة والأربعين من عمره وصف نفسه قائلا إنه:"عليل أشيب الرأس … يجب ألا يشرب سوى النبيذ" ويجب أن "يكون متأنقا في طعامه". وكان الصيام لا يناسبه، وكان يتميز غيظا من السمك؛ ولعل الصفراء عنده لونت لاهوته. وكان قليل النوم مثل معظم الناس الذين لا تعرف عقولهم المشغولة متى يأوون إلى الفراش، وكان يواسي نفسه بأصدقائه وكتبه "يخيل إلى إني أنتزع من نفسي