لا يمكن أن يعلل تفجير العبقرية الذي أضاء إسكتلندة بين مبحث هيوم "في الطبيعة البشرية"(١٧٣٩) وكتاب بوزيول "حياة جونسون"(١٧٩١) ألا بنمو تجارتها مع إنجلترا والعالم وتقدم الصناعة في إقليم السهول. ففي الفلسفة نبغ فرانسيس هتشيسن، وديفي هيوم، وآدم فيرجسن؛ وفي الاقتصاد آدم سمث؛ وفي الأدب جون هيوم (١٢)، وهنري هيوم (اللورد كيمس)، ووليم روبرتسن، وجيمس مكفرسن، وروبرت بيرنز، وجيمس بوزويل؛ وفي العلوم جوزف بلاك، وجيمس وات، ونيفل ماسكلين، وجيمس هاتن، واللورد مونبودو (١٣)؛ وفي الطب جون ووليم هنتر:(١٤) هؤلاء كوكبة تضارع النجوم التي سطعت في إنجلترا حول "الدب الأكبر"(جونسون)! وقد ألف هيوم وروبرتسن وغيرهما في إدنبرة "جمعية من الصفوة" للمناقشات الأسبوعية في الأفكار. واتصل هؤلاء الرجال وأشباههم بالفكر الفرنسي لا الإنجليزي، من جهة لأن فرنسا كانت منذ قرون مرتبطة بإسكتلندة، ومن جهة أخرى لأن الخصومة المستطيلة بين الإنجليز والاسكتلنديين عاقت اندماج الثقافتين. وكان هيوم سيئ الظن بالفكر الإنجليز في جيله، إلى أن صدر كتاب "اضمحلال الإمبراطورية الرومانية وسقوطها" في عام موته فرحب بصدوره شاكراً.
ولقد وفينا من قبل ديننا لهتشسن وهيوم (١٥). فلنلق الآن نظرة على عدو هيوم الكريم النفس، توماس ريد، الذي كافح ليرد الفلسفة من الميتافيزيقا المثالية إلى قبول واقع موضوعي. وقد ألف وهو يدرس في أبردين وجلاسجو كتابه "بحث في العقل البشري حول مبادئ الفطرة السليمة"(١٧٦٤). وقبل أن ينشره أرسل المخطوطة إلى هيوم مشفوعة بخطاب مذهب يحتمل تحياته، ويشرح أسفه على اضطراره لمعارضة شكوكية صاحبه الأكبر سناً. ورد عليه هيوم بلطفه المعهود، وطلب إليه أن ينشر الكتاب دون خوف من ملامة (١٦).
وكان ريد قد سلم من قبل برأي باركلي القائل بأننا نعرف الأفكار فقط،