للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٣ - الأخ فليولبي]

ولد من اقتران فن أنجيلكو الظريف بفن مساتشيو الشهواني فن آخر أخرجه رجل يفضل الحياة عن الخلود. كان فلبو ابن قصاب يدعى توماسو لبي Tommaso Lippi. وكان مولده في شارع من حي فقير بمدينة فلورنس خلف دير هبان الكرمل. وتيتم الطفل وهو في الثامنة من عمره، فكفلته عمة له وهي كارهة حتى بلغ سن الثامنة، ثم تخلصت منه بأن سلكته في طائفة رهبان الكرمل، وأخذ الطفل الصغير يملأ هوامش صفحات الكتب التي طلب إليه أن يدرسها برسوم هزلية. ولاحظ رئيس الدير براعته في هذه الرسوم فعهد إليه أن يرسم المظلمات التي فرغ مساتشيو تواً من تصويرها في كنيسة رهبان الكرمل. وما لبث الصبي أن أخذ يرسم صوراُ من عنده في تلك الكنيسة نفسها. ولم يبق لنا الآن شيء من هذه الصور، ولكن فاساري يظن أنها لا تقل جودة عن صور مساتشيو نفسه. ولما بلغ فلبو السادسة والعشرين من عمره (١٤٣٢) غادر الدير، وظل يسمي نفسه «فرا Fra أي الأخ أو الراهب»، ولكنه كان يعيش في هذا «العالم» ويكسب عيشه من فنه. ويروي فاساري قصة تصدقها الرواية المتواترة، وإن لم يكن في وسعنا أن نتبين صدقها:

«يقولون إن فلبو كان عاشقا متيما، بلغ من حبه النساء أنه كان إذا رأى امرأة أعجبته، لم يكن يتردد في أن يخرج عن كل ما يملك لكي ينالها، فإذا لم يفلح في هذا أطفأ لهيب حبه برسم صورتها. وغلبت عليه هذه النزعة حتى كان إذا انتابته نوبة الهيام لم يلتفت، طالما كانت مستحوذة عليه، إلى شيء من عمله. وحدث مرة، حين كان كوزيمو يستخدمه في عمل ما، أن اغلق عليه باب البيت الذي كان يعمل فيه حتى لا يخرج منه ويضيع وقته. وظل فلبو على هذا النحو يومين، ولكن شهوة الحب الحيوانية