للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل السّابع

[تيتس]

كان أكبر ولديهِ المسمى باسمه تيتس فلافيوس فسبازيانس Titus Flavius Vespasianus أسعد الأباطرة كلهم حظاً. ذلك أنه مات في السنة الثانية من حكمه وفي الثانية والأربعين من عمره وهو لا يزال "محبوب بني الإنسان". ولم يطل به الوقت حتى تفسده السلطة (١) أو تتكشف له خيبة الرجاء. لقد امتازوهو في ريعان الشباب ببأسه وقسوته في الحرب، ولوث سمعته بالانغماس في الملذات، فلما أن تولى الحكم لم تسكره السلطة، وصلحت أخلاقه، وجعل حكومته مضرب المثل في الحكمة والنزاهة. وكان أكبر عيوبه كرمه الحاتمي، فكان يرى أن اليوم الذي لم يسعد فيه إنساناً ما بهبة يقدمها يوماً أضاعه من حياته. وقد أسرف في الإنفاق على المعارض والألعاب، وترك خزانة الدولة الغاصة بالمال وهي تكاد أن تكون خاوية كما وجدها أبوه. ومن أعماله أنه أتم تشييد الكلسيوم، وبنى حماماً عاماً جديداً في رومة، ولم يحكم على أحد بالإعدام في أثناء حكمه القصير، بل فعل عكس هذا، فقد كان الواشون والمخبرون يضربون وينفون من البلاد، وأقسم أنه يفضل أن يُقتل هو على أن يكون سبباً في قتل إنسان، ولما عرف أن أثنين من الأشراف يأتمرون به ليخلعاه، لم يعمل أكثر من أن يرسل إليهم يحذرهم، ثم أرسل رسولاً يطمئن والدة أحد المتآمرين، ويبلغها أن ابنها لم يُصب بسوء.


(١) يشير الكاتب بقوله "تفسده السلطة" إلى قول لورد أكتن Acton المشهور كل سلطة مفسدة، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة All power corrupts and absolute power corrupts absolutely. (المترجم)