الشاطئ. وعند كوربفوّى Courbevoie (شمال باريس بأربعة أميال) نقل التابوت إلى عربة جنائزية مزيّنة يحفها موكب من الجنود والبحارة وذوي المكانة ليمر عبر نيللي Neuilly وتحت قوس النصر وعلى طول الإليزيه، وكانت الحشود فرحة تصفّق.
وفي وقت متأخر من هذا اليوم اللاذعة برودته وصل الجثمان أخيرا إلى مكانه (القبر) - كنيسة مقابر ضحايا الحرب ذات القبة الرائعة. وغصّ صحن الكنيسة ومماشيها بآلاف المشاهدين الصامتين بينما يحمل أربعة وعشرون بحارا التابوت الثقيل إلى مذبح الكنيسة حيث خاطب الأمير دي جونفيل de Joinville أباه الملك قائلا: سيدي، لقد أحضرت لك جثمان إمبراطور فرنسا فأجاب الملك لويس فيليب: إنني أستقبله باسم فرنسا. ووضع بيرتران سيف نابليون فوق التابوت، وأضاف جورجو قبّعة الإمبراطور، وأنشدت الجموع القداس Mass على روحه بمصاحبة موسيقي موزارت Mozart، وأخيرا أصبح رفات الإمبراطور حيث كان يود أن يكون - في قلب باريس وعلى ضفاف نهر السّين.
[٣ - منظور (زاوية رؤية)]
بعد أن نكون قد فرغنا من هذا الكتاب نكون جميعا - المؤلفان والقراء - قد حقَّقنا نبوءته - إن العالم سيحييّ موته بتنهيدة ارتياح. لقد كان قوّة جرى استنفادها، وظاهرة من ظواهر الطاقة الكافية المتفجرة، طاقة صاعدة حارقة، شعلة ماحقة تلتهم تماما كلَّ من يلمسها. إننا لم نجد في التاريخ روحاً أخرى تحرق بهذه الشدّة وعلى طول هذا المدى. لقد كانت إرادته في البداية متردّدة خائفة كئيبة، لكنه سرعان ما اكتشف أسلحتها ومصادرها في ذهن ثاقب وعين فاحصة، فأصبحت إرادة واثقة مندفعة مهيبة كل ذلك مع فهم وإدراك وقوة، حتى حارت الأرباب معه، فربطت إرادات أقل من إرادته قوة لتتحالف معا وتتعقبه وتحاصره وتقيده إلى صخرة حتى تخمد نيرانه. إنها واحدة من أعظم أنواع الدراما في التاريخ، لا تزال تنتظر كاتبا مثل إيسخيلوس Aeschylus ليكتبها.
لكن حتى في عصره كان لديه شخص كهيجل Hegel، لم تُعميه الحدود فرأى فيه قوة عالمية -