للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويختم أرسطو هذا البحث خاتمة تناقض أشد التناقض ما بدأه به وهو قوله إن السعادة في العمل، وإن أحسن حياة هي حياة الفكر. ذلك أن الفكر في رأيه هو الدليل على ما انفرد به الإنسان من تفوق وامتياز، وأن " العمل الخليق بالإنسان هو أن تعمل نفسه بالاتفاق مع عقله ". وأسعد الناس حظاً هو الذي يجمع بين قدر من الرخاء وقدر من العلم، أو البحث أو التفكير، فهذا الرجل هو أقرب الناس إلى الآلهة. "والذين يرغبون في اللذة المستقلة يجب أن يطلبوها في الفلسفة، لأن غيرها من اللذات يحتاج إلى معونة الإنسان".

[٤ - السياسي]

ويرى أرسطو أن علم السياسة هو علم السعادة الجماعية كما أن علم الأخلاق هو علم السعادة الفردية، وأن وظيفة الدولة هي أن تقيم مجتمعاً يحقق أعظم سعادة لأكبر عدد "والدولة هي مجموعة من المواطنين ذات عدد كاف لتحقيق جميع أغراض الحياة، وهي نتاج طبيعي، لأن "الإنسان بطبيعته حيوان سياسي"، أي أن غرائزه تؤدي به إلى الاجتماع مع غيره. "والدولة سابقة بطبيعتها على الأسرة، وعلى الفرد": ذلك أن الإنسان كما نعرفه يولد في مجتمع منظم من قبل يشكله في صورته.

وبعد أن درس أرسطو مع طلابه ١٥٨ دستوراً يونانياً (١)، قسم هذا الدساتير ثلاثة أنواع مختلفة: ملكية، وأرستقراطية، وتمقراطية، أي حكم أصحاب السلطان، وأصحاب المولد الشريف، والنبهاء. وكل نوع من


(١) لم يبق من هذه الدراسات إلا كتابه "أحوال الدولة الأثينية Athenion Politeia وقد عثر عليه في عام ١٨٩١، وهو تاريخ دستوري لأثينة من خير ما كتب في موضوعه