وحدة سياسية ووحدة في عقيدتها الدينية، وكان من رأيه أن الكنيسة على حق في مقاومتها للعلم المادي والفلسفة العلمانية (غير الدينية). ومن هذا المنظور يمكننا القول إن التنوير كان يتراجع حزينا. ولما كان الموت يدعوه إليه راح نوفاليزي يرفض كل الأهداف الدنيوية والمباهج الأرضية وراح يحكم بحياة أخرى (في العالم الآخر) لا مرض فيها ولا نصب ولا حزن، بل لا نهاية له.
[٦ - الأخوان شليجل]
THE BROTHERS SCHLEGEL
كان الأخوان أوجست (أوغسطس) فيلهلم فون شليجل (١٧٦٧ - ١٨٤٥)، وفريدريش فون شليجل (١٧٧٢ - ١٨٢٩)، أخوين جديرين بالتأمل: إنهما مختلفان في الطباع والعشق والدراسات والعقائد، لكن يجمعهما في النهاية السنسكريتية والفيلولوجيا philology (فقه اللغة). ولدا في هانوفر لقس بروتستنتي، وأصبحا لاهوتيين عندما بلغا الحلم ومهرطقين (شاكين في المسيحية) عندما بلغ الواحد منهم العشرين. واستمتع أوجست فيلهلم في جوتينجن Gottingen بدراسة انتقال الكلمات من خلال محاضرات كريستيان هين Heyne ذي الشخصية الجذابة الذي ترجم أعمال فرجيل Virgil كما استمتع بدراسة التراث الفكري في العصر الإليزابيثي من خلال المحاضرات التي كان يلقيها جوتفرايد بيرجر Gottfried Burger مترجم أعمال شكسبير ومؤلف أغنية لينور Lenore. واستقبلت الجامعة نفسها فريدريش فون شليجل بعد استقبالها لأخيه بخمس سنوات، وبدأ كدارس للقانون كما راح يتنقل بين دراسة الأدب والفن والفلسفة، ونضج سريعا فلحق بأخيه في يينا Jena في سنة ١٧٩٦ وشاركه تأسيس الأثيناوم Athenaum التي أصبحت طوال عامين (١٧٩٨ - ١٨٠٠) متحدثا باسم الحركة الرومانسية الألمانية ومرشدا لها. وساهم نوفاليز وشلايرماخر Schleiermacher بالكتابة فيها، وأتى تيك Tieck وأضاف فيشته وشيلنج فلسفتيهما، وكان يأتلف إلى هذه الدائرة الحية بعض النسوة الموهوبات، والمتحررات على نحو رومانسي.
وكان فريدريش فون شليجل هو ضابط السرعة الفكرية - إن صح هذا التعبير - لهذه المجموعة، ويكفي لهذا أنه كان أسرعهم في اعتناق الأفكار وأسرعهم أيضا في التخلي عنها.