للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الخامِس

عصر السعدي (١)

١١٥٠ - ١٢٩١

ولد بعد خمس سنين من وفاة عمر الخيام شاعر يجله الفرس أعظم من إجلالهم لعمر، وكان مولده في المدينة المعروفة الآن بفيروز آباد بالقرب من تفليس. وكأن الأقدار قد شاءت أن تتخذ من إلياس أبي محمد الذي عرف بعدئذ باسم نظامي وسيلة لإظهار نزعة الخيام الأخلاقية في أبشع صورها فجعلته يستمسك في حياته بأسباب الصلاح الحق، فيتمتع كل الامتناع عن شرب الخمر ويهب حياته لواجبات الأبوة وللشعر. وقصته ليلى والمجنون (١١٨٨) أشهر القصص (٢) الغرامية في الشعر الفارسي. وخلاصتها أن قيس المجنون افتتن بليلى، ولكن أباها أرغمها على أن تتزوج برجل غيره، فأثرت تلك الخيبة في قيس وأفقدته عقله، فاعتز المدينة إلى البادية، ولم يكن يعود إلى صوابه لحظة وجيزة إلا إذا ذكر اسم ليلى أمامه. ولما ترملت جاءت ليلى إليه ولكنها توفيت بعد قليل، ولم يسع قيس إلا أن يقتل نفسه عند قبرها كما قتل روميو نفسه عند قبر جولييت. وليس في مقدور أي ترجمة أن تظهر ما يمتاز به الأصل الفرنسي من قوة في التعبير وجمال في النغم.

لقد كان الصوفيون أنفسهم يتغنون بالحب؛ ولكنهم يؤدون لنا أشد التأكيد أن العاطفة التي يعبرون عنها ليست إلا رمزاً لمحبة الله. وقد ولد محمد بن إبراهيم المعروف في عالم الأدب باسم فريد الدين العار بالقرب من نيسابور (١١١٩)، ولقب بالعطار لأنه كان يبيع العطر. ولما اشتدت لديه العاطفة الدينية


(١) يعرف باسم سعدي الشيرازي. (المترجم)
(٢) نظم المرحوم أحمد شوقي هذه الرواية شعراً.