قدم كراشو للعالم هذه القصيدة وقصائد غيرها في ديوانه "خطوات إلى المعبد"(١٦٤٦)، وهي خليط متناقض يجمع بين النشوات الدينية والنزوات الشعرية. وإنا لندرك من خلال هذا الشاعر، وشاعر آخر مثله متأخر عنه، هو هنري فوجان، أنه في تلك الأيام العصيبة المحمومة، لم تكن إنجلترا منقسمة إلى بيوريتانيين وكلفنيين، بل وسط حرب الشعر واللاهوت، وجدت بعض الأرواح أن الدين ليس كامناً في الأضرحة الضخمة والطقوس المنومة، ولا في التعاليم الرهيبة والاختيار المرسوم بالكبرياء والزهو، ولكن في الاتصال البريء الواثق، للنفس الحائرة الخاشعة، بالله الغفور الودود.
[٦ - شارل الأول يواجه البرلمان]
١٦٢٥ - ١٦٢٩
أي طراز من الرجال كان هذا الملك الذي كان على إنجلترا بأسرها أن تقاتل من أجله؟ وقبل أن تنتزع العاصفة كل آثار الرحمة والشفقة من قلبه، كان رجلاً فاضلاً إلى حد معقول-كان ابناً عطوفاً باراً، وزوجاً مخلصاً بشكل غير عادي، وصديقاً وفياً، وأباً يحبه أبناؤه حب العبادة، وكان قد بدأ صراعه في الحياة بعلة خلقية في جسمه، فلم يكن يستطيع المشي إلى أن بلغ السابعة من العمر، وتغلب على هذه العاهة بالدأب على ممارسة ألعاب قوية، حتى استطاع في سني الشباب والنضج أن يتقن ركوب الخيل والصيد على أحسن وجه. وعانى من عجز عن النطق، فكان حتى سن العاشرة لا يكاد يستطيع الإبانة في كلامه. وفكر أبوه في إجراء عملية له في لسانه، وتحسن شارل شيئاً فشيئاً، ولكن ظل حتى آخر لحظة في