ترى ما هو منشأ العداء القائم بين غير اليهود واليهود؟
لقد كانت الأسباب الرئيسية الباعثة على هذا العداء أسباباً اقتصادية، ولكن الخلافات الدينية كانت على الدوام سبباً في زيادة المنافسات الاقتصادية وستاراً لها، فالمسلمون المؤمنون برسالة محمد يغضبهم من اليهود عدم إيمانهم بهذه الرسالة، والمسيحيون الذين يؤمنون بألوهية المسيح يؤلمهم أن يجدوا شعبه نفسه لا يؤمن بهذه الألوهية. ولم يكن كثيرون من المسيحيين الصالحين يرون أن مما يخالف تعاليم دينهم أو يخالف التعاليم الإنسانية بوجه عام أن يلقوا على شعب بأسره، خلال القرون الطوال، تبعة أعمال فئة قليلة العدد من يهود أورشليم في آخر أيام المسيح، ويحدثنا إنجيل لوقا أن جماعات من اليهود رحبت بدخول المسيح أورشليم (الآية ٣٧ من الإصحاح ٢٩) وكيف حمل صليبه بيلاطس: "تبعه جمهور كبير من الشعب والنساء اللائي كن يلطمن وينحن عليه"(الآية ٢٧ من الإصحاح ٢٣)، وكيف أن كل الجموع الذين "كانوا مجتمعين لهذا المنظر لما أبصروا ما كان رجعوا وهم يقرعون صدورهم"(الآية ٤٨ من الإصحاح ٢٣)، ولكن هذه الشواهد القاطعة بعطف اليهود على عيسى كانت تنمحي ذكراها حين تتلى على المسيحيين قصة الآلام المريرة كل أسبوع مقدس من فوق ألف منبر ومنبر، فكانت نيران الحقد تضطرم في قلوب المسيحيين، وكان بنو إسرائيل في تلك الأيام يحبسون أنفسهم في أحيائهم وبيوتهم خشية أن تثور عواطف السذج من الناس فتؤدي إلى المذابح.
ونشأت حول هذا السبب الرئيسي من أسباب سوء التفاهم عشرات المئات