من أسباب الريبة والعداء. وتحمل رجال المصارف اليهود أكبر آثار العداء الناشئ من أسعار فائدة القروض، وهي أسعار ترتفع كلما قلت ضماناتها. ولما أن نمت الشئون الاقتصادية المسيحية، وغزا التجار ورجال المصارف من غير اليهود ميادين كان اليهود هم المسيطرين عليها من قبل، أثارت المنافسة الاقتصادية الأحقاد في الصدور، وأخذ بعض المرابين المسيحيين يبذرون بذور الحقد على السامية (١١٥). وكان اليهود الذين يشغلون مناصب رسمية وبخاصة في المصالح المالية للحكومات المسيحية هدفاً طبيعياً لمن يكرهون الضرائب واليهود كليهما. وتأصلت هذه الأحقاد الاقتصادية والدينية في الصدور فأصبح كل ما هو يهودي بغيضاً لبعض المسيحيين، وكل ما هو مسيحي بغيضاً لبعض اليهود، فأخذ المسيحيون يعيبون على المسيح عزلتهم، ولم يغفروا لهم هذه العزلة التي كانت رد فعل لتمييز غيرهم عليهم. وما كان يوجه إليهم من اعتداء في بعض الأحيان، وبدت ملامح اليهود، ولغتهم، وآدابهم، وأطعمتهم، وشعائرهم، بدت هذه كلها في أعين المسيحيين غريبة كريهة. ثم إن اليهود كانوا يطعمون حين يصوم المسيحيون، ويصوم أولئك حين يفطر هؤلاء، وظل يوم راحتهم وصلواتهم يوم السبت كما كان في قديم الأيام، على حين أن يوم الراحة والصلوات عند المسيحيين قد تبدل فأصبح يوم الأحد، وكان اليهود يحتفلون بنجاتهم السعيدة من مصر في عيد فصح قريب قرباً يراه المسيحيون غير لائق من يوم الجمعة الذي يحزنون فيه لموت المسيح. ولم تكن الشريعة اليهودية تبيح لليهود أن يأكلوا طعاماً مسته يد غير يهودية، أو يشربوا خمراً عصرته، أو يستعملوا آنية لمستها (١١٦)، أو أن يتزوجوا إلا من يهوديات (١١٧). وكان المسيحي يفسر هذه القواعد القديمة-التي وضعت قبل نشأة المسيحية بزمن طويل-بأن اليهود يرون أن كل شيء مسيحي نجس، ويرد على هذا بأن الإسرائيلي نفسه لم يكن في أغلب الأحيان يمتاز بنظافة جسمه أو أناقة ثيابه. ونشأت من عزلة هؤلاء وأولئك بعضهم أقاصيص