سخيفة محزنة انتشرت بين كلا الطرفين. وكان قبل الرومان قبل ذلك الوقت يتهمون المسيحيين بأنهم يذبحون أطفال الوثنيين ليقدموا دماءهم في السر قرباناً لإله المسيحيين، ثم أخذ المسيحيون في القرن الثاني عشر يتهمون اليهود باختطاف أطفال المسيحيين ليقدموهم قرباناً إلى يهوه، أو ليتخذوا دماءهم دواء، أو يستعملوه في صنع الخبز الفطير لعيد الفصح. واتهم اليهود بأنهم يسممون الآبار التي يشرب منها المسيحيون ويسرقون الرقاق المقدس ليثقبوه ويخرجوا منه دم المسيح (١١٨). ولما أن تباهى عدد قليل من تجار اليهود بثرائهم وأظهروا هذا الثراء بارتداء الملابس الغالية الثمن اتهم الشعب اليهودي على بكرة أبيه بأنه يستنزف أموال المسيحيين جملة ويضعها في أيدي اليهود. واتهمت اليهوديات بأنهم ساحرات، وقبل إن كثيرين من اليهود من حزب الشيطان (١١٩). ورد اليهود على هذه الأقاصيص بأخرى مثلها عن المسيحيين، وبقصص مهينة عن مولد المسيح وشبابه. وكان التلمود ينصح بأن تشمل الصدقات اليهودية غير اليهود (١٢٠)، وكان بحيا Bahya يثني على الرهبنة المسيحية، وكتب ابن ميمون يقول إن تعاليم المسيح والنبي محمد تنزع بالإنسانية إلى الكمال (١٢١)، ولكن اليهودي العادي لم يكن يستطيع فهم هذه المجاملات الفلسفية، وبادل أعداءه حقداً بحقد.
وكانت هناك فترات صفاء بين أوقات الجنون السالفة الذكر، فكثيراً ما كان اليهود يختلطون بالمسيحيين اختلاط الأصدقاء متجاهلين قوانين الدولة والكنيسة التي تحرم هذا الاختلاط، وكانوا أحياناً يتزاوجون وبخاصة في أسبانيا وجنوبي أوربا. وكان العلماء المسيحيون واليهود يتعاونون فيما بينهم، ميكائيل اسكت Michael Scot مع أناتولي Anatoh، ودانتي مع عمونيل (١٢٢)، وكان المسيحيون يقدمون الهبات للمعابد اليهودية، وفي مدينة وورمز Worms كانت هناك حديقة يهودية كبرى ينفق عليها من هبة وهبتها امرأة مسيحية (١٢٣). وبُدّل يوم السوق في ليون من السبت إلى الأحد تيسيراً لليهود، ووجدت الحكومات غير