توفي أركاديوس في عام ٤٠٨ وخلفه ابنه ثيودوسيوس الثاني، إمبراطوراً على الشرق ولما يتجاوز السابعة من العمر. وقامت بلشيريا Pulcheria، وكانت تكبره بعامين، بتربيته، وكانت طوال المدة التي أشرفت فيها على تربيته تظهر من الجزع والإشفاق عليه مما جعله غير أهل للحكم، ولهذا ترك شئون الدولة لرئيس الحرس ولمجلس الشيوخ، وانهمك هو في نسخ المخطوطات القديمة وتزيينها، ويبدو أنه لم يقرأ قط كتاب القوانين الذي خلد اسمه. وفي عام ٤١٤ أصبحت بلشيريا وصية على العرش وهي في السادسة عشر من عمرها، وظلت تصرف شؤون الإمبراطورية ثلاثاً وثلاثين سنة، ونذرت هي وأختها أنفسهن بأن يضللن عذارى. ويبدو أنهن قد أوفين بالنذر، فقد كن يلبسن ملابس بسيطة تنم عن الزهد والتقشف. ويؤلفن وينشدن الترانيم الدينية، ويصلين، وينشئن المستشفيات، والكنائس، والأديرة، ويغدقن عليها العطايا. واستحال القصر ديراً، وحرم دخوله إلا على النساء وعدد قليل من رجال الدين. وفي وسط هذه المظهر الدينية حكمت بلشيريا، وبوديسيا زوجة أخيها، ووزراؤهما، البلاد حكما صالحاً، وهب الإمبراطورية الشرقية في خلال نيابتهما عن ثيودسيوس التي