ولد فلافيوس كلوديوس يوليانوس Flavius Claudius Julianus في القصر الإمبراطوري في القسطنطينية في عام ٣٣٢، وكان ابن أخي قسطنطين. وقد قتل أبوه، وأخوه الأكبر، ومعظم أبناء عمه، في المذبحة التي حدثت أيام حكم أبناء قسطنطين. وأرسل هو إلى نقوميديا ليتلقى فيها العلم على الأسقف يوسبيوس؛ ولقن من علوم اللاهوت المسيحية أكثر ما يطيقه عقله، وظهرت عليه سمات تدل على أنه سيكون قديساً. ولما بلغ السابعة من عمره بدأ يدرس الآداب القديمة على مردونيوس Mardonius، وسرى حب هومر وهزيود والتحمس لآدابهما من الخصي الهرم إلى تلميذه، وهل يوليان إلى عالم الأساطير اليونانية الشعري الزاهر بدهشة وبهجة عظيمتين.
وفي عام ٣٤١ نفي يوليان وأخوه جالوس Gallus إلى كبدوكيا لأسباب لا نعلمها الآن، وظلا ست سنين يكادان أن يكونا فيها سجينين في حصن ماسلوم Macellum ولما أطلق سراحهما سمح ليوليان أن يعيش وقتاً ما في القسطنطينية ولكن مرح الشباب، وما امتاز به من إخلاص وذكاء حباه إلى الشعب حباً أقلق بال الإمبراطور؛ فأرسله مرة أخرى إلى محاضرات ليبانيوس حرم عليه هذا، ولكنه استطاع أن يحصل على مذكرات وافية لدروس هذا المعلم. وكان وقتئذ شاباً في السابعة عشرة من عمره، بهي الطلعة، جياش القلب بالعواطف، متأهباً لأن يبهره سحر الفلسفة الخطر، وبينا كانت الفلسفة، وبينا كان التفكير الحر يأتيان إليه بكل ما فيهما من إغراء، كانت المسيحية تُعرض عليه بوصفها مجموعةً من العقائد التعسفية