والوثنية المؤمنة المخلصة الفصيحة التي انتصرت على يوليان وأخضعته لسلطانها. وإلى القاريء فقرة من أقوال مكسموس يدافع فيها عن استخدام الأوثان في العبادات الوثنية ويرد على استهزاء المسيحيين بها:
"الله الأب الذي صور كل ما هو كائن أقدم من الشمس ومن السماء، وأعظم من الزمان، ومن الخلود ومن مجرى الكينونة، لا يستطيع أن يسميه مشترع أو أن ينطق به صوت، أو أن تراه عين، لكننا نحن لعجزنا عن إدراك جوهره نستعين بالأصوات، والأسماء، والصور، وبالذهب المطروق، والعاج، والفضة، وبالنبات، والأنهار، وبالسيول، وقلل الجبال في إشباع حنينا إلى معرفته؛ ونداري عجزنا بأن ننحت من الطبيعة أسماء لكل ما هو جميل في هذا العالم … فإذا ما تاق يوناني لأن يتذكر الله حين يبصر تحفة فنية من عمل فدياس أو تاقت نفس مصري لهذه الذكرى فعبد الحيوان، أو مجد غيرهما ذكراه بعبادة نهر أو نار، فإن اختلافهم عني لا يغضبني؛ وكل ما أطلبه إليهم أن يلاحظوا وأن يذكروا، وأن يحبوا (١٩).
وكانت فصاحة ليبانيوس ومكسموس من الأسباب التي جعلت يوليان يرقد من المسيحية إلى الوثنية، ولما أن اعتلى تلميذهما عرش الإمبراطورية هرع مكسموس إلى القسطنطينية، وأنشد ليبانيوس في أنطاكية نشيد النصر والفرح: "ها نحن أولاء قد عدنا حقاً إلى الحياة، وهب على الأرض كلها نسيم السعادة لما أن حكم العالم إله حق في صورة إنسان" (٢٠).