القرن الثامن عشر (٣٥)". وهذا التقدير يمثل ما يشيع اليوم من بخس لقدر رينولدز بدعوى أنه كان مجملاً للأرستقراطيين همه جمع المال، وتلك نزوة عارضة ستختفي. ومن العسير تقييم هوجارث كفنان، لأنه لم يكن فناناً فحسب، فلقد كان صوت إنجلترا الغاضبة لما فيها من فساد وانحطاط، ولقد عد نفسه بحق قوة اجتماعية. كذلك فهمه فيلدنج فقال فيه "أكاد أجرؤ على التأكيد بأن عمليه هذين اللذين يسميهما "رحلة فاجر"" و "رحلة بغي"، قصد بهما خدمة قضية الفضيلة .. أكثر مما خدمتها كل المجلدات الضخمة التي كتبت إطلاقاً في الأخلاق (٣٦) ". على أن شيئاً واحداً لا شك فيه، هو أنه كان الإنجليزي الصميم بين جميع من عاش من الفنانين الإنجليز.
[٣ - الموسيقيون]
من ألغاز التاريخ المحيرة ذلك السر في أن إنجلترا التي أسهمت هذا الإسهام الموفور في التطور والنظرية الاقتصاديين والسياسيين، وفي الأدب والعلم والدين والفلسفة-إنجلترا هذه أقفزت نسبياً في أشكال التأليف الموسيقي الأكثر تعقيداً منذ عصر اليزابيث الأولى. وربما وجدنا بعض تعليل لهذه الظاهرة في زوال الكثلكة من إنجلترا؛ فالمذاهب الجديدة شجعت المؤلفات الموسيقية الرفيعة تشجيعاً أقل، ومع أن الشعائر اللوثرية في ألمانيا والأنجليكانية في إنجلترا تطلبت الموسيقى، فإن أشكال البروتستنتية الأكثر تزمتاً في إنجلترا وفي الجمهورية الهولندية لم تبذل تشجيعاً يذكر لأي موسيقي تزيد على الترنيمة الجماعية التي يرنمها المصلون. وحل محل أساطير كنيسة روما وطقوسها، التي طالما شددت على مباهج الإيمان، عقائد جبرية قاتمة تشدد على هول الجحيم، ولم يستطع غير "أورفيوس" أن يغني في وجه الجحيم. وماتت أغاني إنجلترا اللإليزابيثية الغرامية الشعبية في الصقيع البيورتاني. وقد جلبت عودة الملكية من فرنسا روحاً أكثر مرحاً، ولكن بعد موت بيرسل أسدل حجاب كثيف على الموسيقى الإنجليزية من جديد.
هذا باستثناء الأغاني التي تفاوتت من الجهوريات الجماعية المنتشرة في أندية الطرب glee clubs إلى الرقة الهفافة التي تميزت