للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل السادس

[الطب عند الرومان]

أما في الطب فكانوا خيراً منهم في التاريخ الطبيعي. فلقد أخذوا علم الطب أيضاً عن اليونان، ولكنهم أحسنوا صياغته، وتنظيمه، وطبقوه على الصحة، العامة والخاصة، ولقد كانت روما تحيط بها من جميع جهاتها تقريبا مناقع واسعة، وكانت معرضة للفيضانات الوبائية، فكالنت بذلك في أشد الحاجة إلى العناية في الصحة العامة، فنحن نسمع أن الملاريا كانت منتشرة في روما في القرن الثاني قبل الميلاد، وان بعوضة الأنوفيل كانت في ذلك الوقت مستقرة في مناقع بنتين Pontine (٩٥) . وانتشر داء النقرص بانتشار الترف، وفي ذلك يحدثنا بلني الاصغر أن صديقه كورليوس روفس Corellius ظل يعاني آلامه من السنة الثالثة والثلاثين إلى السابعة والستين قبل ان ينتحر بعد ان استمتع بلذة البقاء حيات يوما واحدا بعد موت "ذلك اللص دومتيان" (٩٦). وتدل بعض الفقرات في كتابات الهجائين الرومان على ظهور الزهري في القرن الأول بعد الميلاد (٩٧). واجتاحت الأوبئة الفتاكة إيطاليا الوسطى في عام ٢٣ ق. م وفي أعوام ٩٥، ٧٩، ١٦٦ ميلادية.

وكان الناس من أقدم الأزمنة يحاولون التغلب على المرض والطاعون بالسحر والصلوات، وحتى في ذلك الوقت الذي نتحدث عنه طلبوا إلى فسبازيان المتشكك اللين الجانب أن يداوي عماهم ببصاقه، وعرجهم بمس قدمه (٩٨). وكانوا يحملون مرضاهم وقرابينهم إلى هيكل إيسكلبيوس. Aesculapius ومنيرفا، وكان الكثيرون منهم يتركون فيهما الهدايا شكراً على نعمة الشفاء. فلما أن حل القرن الأول قبل الميلاد أخذت عنايتهم بالطب الدنيوي تزداد شيئاً فشيئاً. ولم تكن الدولة في ذلك الوقت قد وضعت