عندما أدمج اتحاد عام ١٧٠٧ إسكتلندة مع إنجلترا بواسطة برلمان مشترك، رددت لندن على سبيل النكتة أن الحوت قد ابتلع يونان (يونس)؛ وعندما أدخل بيوت (١٧٦٢ وما بعدها) عشرين من الأسكتلنديين في الحكومة البريطانية تذمر الظرفاء لأن يونان أخذ في ابتلاع الحوت (٦). أما من الناحية السياسية فإن الحوت انتصر. فقد ضاع النبلاء الاسكتلنديون الستة عشر ونواب العموم الخمسة والأربعون وسط ١٠٨ نبيلاً و٥١٣ نائباً إنجليزياً. وأسلمت إسكتلندة سياستها الخارجية، وإلى حد كبير اقتصادها، إلى تشريع يسوده المال الإنجليزي والعقول الإنجليزية. ولم ينس البلدان عدائهما السابق. فالاسكتلنديين يشكون من أسباب التفرقة التجارية بين يونان والحوت، وصموئيل جونسون ينوب عن الحوت في عضة يونان بإصرار شوفيني.
وكانت إسكتلندة تضم في عام ١٧٦٠ من السكان نحو ١. ٢٥٠. ٠٠٠ نسمة. وكانت نسبة المواليد عالية، ولكن نسبة الوفيات لحقت بهم. وقد كتب آدم سمث حوالي ١٧٧٠ يقول:"قيل لي أنه ليس من غير المألوف في إقليم المرتفعات الاسكتلندية لأم ولدت عشرين طفلاً ألا يبقى اثنان منهم أحياء"(٧). وكان رؤساء القبائل في الإقليم يملكون الأرض كلها تقريباً خارج المدن، ويتركون الزراع فقراء فقراً بدائياً على تربة صخرية تبتلي بوابل من المطر ينهمر صيفاً وبثلوج الشتاء تهطل من سبتمبر إلى مايو. وقد زيدت الإيجارات مراراً-فرفعت في إحدى المزارع من خمسة جنيهات إلى عشرين خلال خمسة وعشرين عاماً (٨). وهاجر كثير من الفلاحين إلى أمريكا بعد أن رأوا أن لا مهرب من الفقر في وطنهم، وهكذا "يستطيع زعيم القبيلة الجشع أن يحيل صنيعته برية فقراء" على حد قول جونسون: (٩) وكان الملاك يحتجون بهبوط قيمة العملة ذريعة لرفع الإيجار. وكانت الأحوال أسوأ حتى من هذا في مناجم الفحم والملح، حيث كان العمال حتى عام ١٧٧٥ يربطون بأعمالهم حتى يموتوا (١٠).