ووضع مؤتمر بولونيا الهيبة الدبلوماسية في كفة، والجرأة والسطوة في كفة أخرى، وبقي أن تُعرف أية الكفتين هي الراجحة. وأقبل الملك الشاب الوسيم يزهو في معطفه الموشى بالذهب وفراء السمور، والنصر معقود لألويته، وجيشه من ورائه؛ يتوق إلى أن يلتهم إيطاليا عن آخرها، ولا يبقى فيها إلا البابا حارساً له على أملاكه؛ وليس لليو في مقابل هذا إلا سحر منصبه ودهاء آل ميديتشي. ومن ثم فإذا كان ليو قد أثار الملك على الإمبراطور، وانتقل من جانب إلى جانب بالحيلة والمراوغة، ووقع مع كل منهما المعاهدات ضد الآخر، إذا كان قد فعل هذا بحكم الظروف فليس لنا أن نغالي في وزن أعماله هذه بميزان العدالة الصارمة. ذلك أنه لم يكن لديه من السلاح ما يستخدمه لنيل أغراضه غير هذه الوسيلة، ولقد كان عليه أن يدافع عن تراث الكنيسة الذي وكل أمره إليه؛ ثم إن أعداءه كانوا هم أيضاً يستخدمون هذا السلاح نفسه بالإضافة إلى جيوشهم ومدافعهم.
ولقد بقيت الاتفاقات السرية التي عقدت في ذلك الاجتماع في طيات الخفاء إلى يومنا هذا. ويلوح أن فرانسس حاول أن يستدرج ليو إلى محالفته ضد أسبانيا؛ فطلب إليه ليو أن يمهله حتى يفكر في الأمر- وتلك هي الطريقة الدبلوماسية في الرفض؛ وسبب ذلك أن سياسة الكنيسة التقليدية التي طال عليها الأمد لا تسمح بأن تطوق دولة واحدة أملاكها من الشمال والجنوب (١١). وكانت النتيجة الواضحة الوحيدة لاتفاق عام ١٥١٦ هي