أطلقت الرواية المتواترة على الآداب اللاتينية فيما بين ١٤، ١١٧ م اسم العصر الفضي للدلالة على أن هذه الآداب قد نزلت عن المستوى الثقافي الرفيع الذي بلغته في عصر أغسطس؛ والرواية هي صوت الزمان، والزمان هو الوسط الذي يختار فيه بين الطيب والخبيث، والعقل الحذر يجل حكمها لأن الشباب وحده هو الذي يعرف ما لا تعرفه عشرون قرناً من الزمان. على أننا نرجو أن يؤذن لنا بأن نرجئ حكمنا على هذا العصر، وأن نستمع بلا تحيز إلى ما يقوله عنه لو كان، وبترونيوس، وسنكا، وبلني الأكبر، وسلسس Celsus، واستاتيوس Statius ومارتيال، وكونتليان، وأن نستمع في أبواب أخرى من هذا الكتاب إلى أقوال تاستس، وجوفنال، وبلني الأصغر، وإبكتنس Epictetus، وأن نستمتع بأقوالهم استمتاع من لم يسمعوا قط بأنهم عاشوا في عصر من العصور الاضمحلال. ذلك أنا نجد في كل عصر شيئاً يضمحل وشيئاً ينمو؛ فالمقطوعات الشعرية الفكهة، والهجاء، والروايات القصصية، والتاريخ، والفلسفة، بلغت كلها في العصر الفضي ذروة مجدها، كما أن فن النحت الواقعي، والعمارة الضخمة قد بلغا فيه ما لم يبلغاه في عصر آخر من عصور الفن الروماني.