من الذهب أثناء حياته) (١١) إلى حد أنه لم يطبع أي كتاب في تركيا قبل عام ١٧٢٨. وفي النسيج كذلك كان الأتراك تلاميذ الفرس، ولكن لم يتفوق عليهم فيه إلا هؤلاء. ولم يبلغ السجاد التركي درجة الإيراني في رقة النسيج ودقة التصميم والرسم أو الثراء في الألوان. ولكنهم يحتلون مكانة عالية في تاريخ هذا الفن. وكان السجاد التركي في القرن الخامس عشر قد كسب شهرته بالفعل في الغرب لأننا نراه في لوحات الرسام الإيطالي أندريا مانتنيا، وبعده في بنتوريكيو، وفي باريس ورودن وهولبين. وكسى كثير من قصور التيودور بالسجاد التركي، بل إن كرومول المتشدد نفسه كان لديه اثنتان وعشرون قطعة منه (١٢). وإننا لنجد هذا السجاد ممثلاً في قطع النسيج المزركش (الكانفاه، الجويلان)، يوضح للناس حياة لويس الرابع عشر. لقد كان الغرب يدرك أن الشرق لديه الفنون والمدافع سواء بسواء.
[٢ - معركة ليبنتو]
ومهما يكن من شيء، فقد كان على حكام الغرب أن يرقبوا المدافع، لأن سلاطين آل عثمان كانوا قد أعلنوا عن عزمهم على تحويل أوربا بأسرها إلى الإسلام. أن رصيدهم البشري وثروات مملكتهم الزاحفة في كل مكان هيأت لهم أكبر جيش وأحسنه عتاداً وعدة في أوربا. وكان عدد الانكشارية وحدهم خمسين ألفاً. وربما كان خلاص الغرب وخلاص المسيحية في ترامي أطراف الإمبراطورية العثمانية على هذا النحو، فما كانت المسافات البعيدة لتساعد على تجميع الموارد المبعثرة في الوقت المناسب، كما أن السلاطين، ولو أنهم شكلوا أسرة حاكمة أبقى على الزمن من أية أسرة حاكمة مسيحية، دب فيهم الفساد وانتابهم التدهور حيثما تهيأت "للحريم" فرصة لتحقيق مآربهن، وكانوا يكلون أمور الحكم إلى وزراء مؤقتين سريعي الزوال، نزع بهم تزعزع مراكزهم إلى التخفيف من وطأة سقوطهم واعتزال مناصبهم، بجمع الثروات أيام سطوتهم.