وهكذا كان سليم الثاني الذي خلف سليمان القانوني ١٥٦٦، حاكماً منحلاً خاملاً، لم تتجل عبقريته إلا في أنه عهد بالإدارة والسياسة إلى وزيره القدير محمد سوكللي. وانقطعت غارات الأتراك على الإمبراطورية الرومانية المقدسة لأن الإمبراطور مكسيمليان الثاني اشترى السلام مقابل جزية سنوية قدرها ٣٠ ألف دوكات. وحول سوكللي وجهة نظر فريسة أقرب. فقد احتفظت بلاد العرب من قبل "باستقلالها الديني" ولكن تم الآن للباب العالي فتحها (١٥٧٠) وكانت ممتلكات البندقية لا تزال متناثرة في بحر إيجة، تعوق أساطيل تركيا وتجارتها. وقصد لالا مصطفى على رأس ٦٠ ألف مقاتل لمهاجمة قبرص وأهابت البندقية بالدول المسيحية لنجدتها، فلم يستجب لندائها إلا البابا وأسبانيا. فإن بيوس الخامس لم يكن قد نسي أن الأسطول التركي في ١٥٦٦ هدد أنكونا ثغر البابا وقلعته على الأدرياتيك. كما علم فيليب الثاني أن عرب الأندلس استرخصوا السلطان لإنقاذهم من ويلات الحكم الأسباني (١٥٦١) وأن السلطان رجب بمبعوثيهم إليه. وكان الموقف الدبلوماسي مواتياً. ذلك أن الإمبراطور لم يكن يشترك في الحرب ضد تركيا، لأنه كان قد وقع من فوره معاهدة سلام معها ولم يكن من الشرف ولا في مصلحة أمنه أن ينقضها وعارضت فرنسا أية خطة تزيد من قوة أسبانيا وترفع من شأنها. ووثقت عرى الصداقة مع الأتراك عوناً لها على مواجهة الإمبراطور. وخشية إنجلترا مغبة الدخول في مغامرة مشتركة مع فيليب يجعلها تحت رحمة أسبانيا الكاثوليكية في حالة انتصارها. وساور البندقية بعض القلق من أن الانتصار قد يأتي بالقوات الأسبانية إلى الأدرياتيك. فتقضي على احتكار البندقية لهذا البحر وسيطرتها عليه. وقضى بيوس عاماً كاملاً في التغلب على هذه الحيرة والتردد. وكان عليه أن يرضى باستخدام البندقية وأسبانيا لأموال الكنيسة. وأخيراً في ٢٠ مايو ١٥٧١ انضمت الثلاث في "عصبة مقدسة" واستعدت للحرب.
وفي أثناء هذه المفاوضات تقدم الهجوم التركي على قبرص. مع خسائر