جسيمة تكبدها الطرفان. وسقطت نيقوسيا بعد حصار دام خمسة وأربعين يوماً. وأعدم بحد السيف عشرون ألفاً من سكانها، وقاومت فاما جوستا زهاء عام. وعندما سقطت (٦ أغسطس ١٥٧١) سلخ البطل المدافع عنها، مارك أنطونيو براجادينو، حياً، وحشي جلده بالقش وأرسل إلى القسطنطينية تذكاراً للنصر.
وكانت الظروف تستحث العصبة المقدسة على العمل، فجمعت قواتها. وأسهمت بالسفن والرجال، كل من فلورنسة وبارما ولوكا وفرانا وأربينو وجنوه، عدو البندقية القديم. وفي نابلي تسلم دون جوان النمساوي لواء القيادة في احتفال مهيب من الكاردينال جرنفل. وفي ١٦ سبتمبر، بعد أن تناول البحارة والجنود القربان المقدس من يد الجزويت والكيوشيين الذين التحقوا بالحملة، أبحر الأسطول الضخم (الأرمادا) من مسينا إلى جزيرة كورفو في محاذاة جنوبي إيطاليا، عبر مضيق أوترانتو. وهناك ترامت أنباء المذابح والفظائع التي اقترنت بسقوط قبرص. وتعالت صيحات "النصر النصر" فليحي المسيح، عندما أصدر دون جوان أوامره بالانطلاق إلى القتال.
وفي ٧ أكتوبر ١٥٧١ تحرك الأرمادا عبر خليج بتراس إلى خليج كورنت. وكان الأسطول التركي ينتظر بعيداً عن ثغر ليبنتو، وهو يضم ٢٢٢ سفينة شراعية كبيرة، و٦٠ سفينة صغيرة، و٥٧٠ مدفعاً، و٢٤ ألف جندي، و١٣ ألف ملاح، و٤١ ألف مجدف. وكان المسيحيين ٢٠٧ سفن شراعية، وست سفن شراعية فينيسية ضخمة تحمل المدافع، و٣٠ سفينة صغيرة و ١. ٨٠٠ مدفع و٣٠ ألف جندي و١٣ ألف وتسعمائة ملاح، و٤٣ ألف جندي (١٣). ورفع الأسطول المسيحي علم المسيح مصلوباً. ورفع الأسطول التركي علم السلطان يحمل لفظ الجلالة "الله" موشى بالذهب. وتراجع جناح المسيحيين الأيمن أمام الأتراك، ولكن الجناح الأيسر الذي كان يقوده البنادقة حول المقاومة الضارية إلى هجوم منظم، وأودت مدفعيتهم