بحياة آلاف من الأتراك, وأصدر دون جوان أمره بأن تتحرك سفينة قيادية قد مانحو سفينة أمير البحر التركي موسيناد علي. فلما التقت السفينتان، قفز ثلاثمائة من جنود جوان الأسبان المحنكين إلى السفينة التركية بقيادة راهب كبوشي، يلوح بالصليب عالياً. وتقرر مصير المعركة، عندما أسرت السفينة، ورفع رأس علي المفصول عن جسده فوق سارية علمه (١٤). وانهارت الروح المعنوية لدى الأتراك. وهربت ٤٠ من سفنهم، وأسرت ١١٧ أخرى، كما أغرق أو حرق خمسون سفينة. ولقي حتفه في المعركة أكثر من ثمانية آلاف رجل من الأتراك، وأسر عشر آلاف، وزع معظمهم رقيقاً على المنتصرين. وحرر نحو ١٢ ألفاً من الأرقاء المسيحيين الذين كانوا يقومون بالتجديف على المراكب التركية. وفقد المسيحيون، وقتل منهم ٧٥٠٠ رجل من بينهم أفراد من أعرق وأشهر الأسرات في إيطاليا. ولا نزاع في أن معركة ليبنتو كانت أعظم معركة بحرية في التاريخ الحديث. ووصفها سرفنتيز الذي كان من بين الجرحى المسيحيين البالغ عددهم ٧٥٠٠ بأنها "أعظم حدث بارز جدير بالذكر شهدته العصور الخوالي أو العهود الحاضرة. وقد لا يكون له نظير في المستقبل (١) "(١٥).
وكان يجدر أن تكون هذه أكبر معركة فاصلة في التاريخ الحديث، لولا أن استنزاف المجدفين والأضرار التي لحقت بالأسطول المنتصر، وهبوب عاصفة عنيفة، حال دون تعقب الأتراك. فقد ثار النزاع بين المسيحيين حول اقتسام المجد والغنائم. ولما كانت أسبانيا قد أسهمت في القتال بنصف السفن والنفقات، والبندقية بثلثها والبابا بالسدس، فقد وزعت الغنائم بقدر هذا الإسهام. ووزع الأسرى الأتراك بهذه النسبة، فخص أسبانيا ٣٦٠٠
(١) على بعد نحو مائة ميل إلى الشمال الغربي، قرب أكتيوم. على خليج آرثا الحالي، انتزع أكتافيوس بأربعمائة سفينة حربية السيادة على عالم البحر المتوسط القديم من أنطونيوس وكليوبطرة، وسفنها الحربية الخمسمائة (٢ سبتمبر، ٣١ ق. م).