للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٤ - ظهور طورجو]

١٧٢٧ - ١٧٧٤

أكان طورجو فيزوقراطياً؟ إن خلفيته الفنية المنوعة تمنع كل تخصيص يلصق به، فلقد ولد في أسرة عريقة "من أصل طيب" Une Bonne Race كما قال لويس الخامس عشر-شغل أفرادها المناصب الهامة أجيالاً عديدة بكل كفاية. وكان أبوه مستشاراً للدولة وسر تجار باريس، وهو أرفع منصب إداري في باريس، وأخوه الكبر أميناً للالتماسات والمطالب في برلمان باريس وعضواً بارزاً فيه. وكانت النية توجيه طورجو (آن روبير-جاك)، وهو الابن الأصغر إلى وظيفة القسوسية.

واجتاز بتفوق جميع الامتحانات في كلية لوي-لجران، وفي مدرسة سان-سولبيس اللاهوتية؛ وفي الصوربون، وأصبح "الأبيه دبروكور" وهو بعد في التاسعة عشرة. وتعلم قراءة اللاتينية، واليونانية، والعربية، والأسبانية، والإيطالية، والألمانية، والإنجليزية، والكلام بثلاثة من هذه اللغات على الأقل بطلاقة. وفي ١٧٤٩ انتخب رئيساً للصوريون، وبوصفه هذا ألقى محاضرات أثارت اثنتان منها ضجة خارج نطاق اللاهوت.

ففي يوليو ١٧٥٠ ألقى محاضرة على الصوريون باللاتينية في "الفوائد التي أفاد بها توطيد المسيحية الجنس البشري"، وقال إنه أنقذت العالم القديم من سلطان الخرافة، وصانت الكثير من الآداب والفنون والعلوم، وقدمت للبشر المفهوم المحرر لقانون العدالة يسمو فوق كل ألوان التعصب والأنانية البشرية. "أفيستطيع الإنسان أن يطمع في هذا من أي مصدر آخر غير الدين؟ … إن الدين المسيحي دون غيره ..... هو الذي أخرج إلى النور حقوق الإنسان" (٤٧). وفي هذه التقوى تسمع صدى الفلسفة؛ وواضح أن الرئيس الشاب كان قد قرأ مونتسيكو وفولتير، وتأثر لاهوته بعض الشيء بما قرأ.

وفي ديسمبر ١٧٥٠ ألقى محاضرة في الصوربون عنوانها "جدول فلسفي بالتقدم المطرد للعقل البشري". وكان هذا التعبير عن ديانة التقدم الجديدة