سبق القول أن القوط الغربيين حكام غالة استردوا أسبانيا من الوندال في عام ٤٢٠، وعادوا بعدئذ إلى روما، ولكن روما كانت عاجزة عن حماية أسبانيا، ولهذا فإن السويفي Suevi خرجوا من معاقلهم في التلال الواقعة في الجنوب الغربي من شبه الجزيرة واجتاحوها كلها، فانقض عليها القوط الغربيون مرة أخرى بقيادة ثيودريك الثاني (٤٥٦) وأوريك (٤٦٦) بعد أن عبروا جبال البرانس، وفتحوا معظم أسبانيا واحتفظوا بالبلاد في هذه المرة وضموها إلى أملاكهم، وحكمت أسبانيا من ذلك الوقت أسرة من القوط الغربيين وظلت على عرشها حتى جاءها المسلمون.
وأنشأت الملكية الجديدة، في بلدة طليطلة عاصمة فخمة، وجمعت فيها حاشية موفورة الثراء. وكان أثاناجلد Athanagild (٥٦٣ - ٥٦٧) وليوفيجلد Leovigild (٥٦٨ - ٥٨٦) ملكين قويين، هزما الغزاة الفرنجة في الشمال وجيوش بيزنطية في الجنوب؛ وكانت ثروة أثاناجلد هي التي أكسبت ابنتيه ميزة فذة هي انهم قتلتا وهما ملكتان لملكين من الفرنجة. وحدث في عام ٥٨٩ أن غير ريكارد Recared مذهبه ومذهب الكثرة الغالبة من القوط الغربيين في أسبانيا من الأريوسية إلى المسيحية الأصلية. ولعل سبب هذا التغير أنه قرأ من قبل تاريخ ألريك الثاني. ومن ذلك أصبح الأساقفة أكبر المؤيدين للملكية وأقوى سلطة في الدولة؛ فقد سيطروا بفضل تفوقهم في العلم ودقة النظام على