أن تسافر حول الجزيئات التي تؤلف السوائل والجوامد الشفافة وبينها. ولكنه اعترف بعجزه عن تعليل الاستقطاب، وهذا من أسباب رفض نيوتن لفرض الموجات وتفضيله نظرية الجريئات الضوئية.
ولم يحرز القرن السابع عشر غير تقدم كتواضع في دراسة الكهرباء بعد العمل الذي قام به جلبرت وكيرشر في ميدان المغناطيسية، وكابيو في التنافر الكهربي. وقد درس هالي تأثير المغنطيسية الأرضية في إبر البوصلة، وكان أول من تبين الصلة بين مغنطيسية الأرض والفجر الكاذب، aurora borealis (١٦٩٢) . ووصف جويريكي في ١٦٧٢ بعض تجاربه في كهرباء الاحتكاك. فالكرة من الكبريت، بعد أن أديرت على يده، جذبت الورق، والريش، وغيرهما من الأجسام الخفيفة، وحملتها معها في دورانها، وقد ربط بين هذا وبين حركة الأرض إذ تحمل معها الأجسام التي على سطحها أو بقربه. وتحقق من التنافر الكهربي إذا أثبتت أن الريشة إذا وضعت بين الكرة المكهربة وأرضية الحجرة تقفز إلى أعلى وأسفل من الواحدة إلى الأخرى. وكان رائداً في دراسة التوصيل، إذ برهن على أن الشحنة الكهربية تستطيع أن تسافر على خيط من الكتان، وأن الأجسام يمكن أن تتكهرب بتقريبها من الكرة المكهربة. وقد ابتكر فرانسس هوكسبي، عضو الجمعية الملكية (١٧٠٥ - ٩) طريقة أفضل لتوليد الكهرباء بإدارته كرة زجاجية مفرغة دوراناً سريعاً، ثم وضعها على يده، وقد انبعث من الاحتكاكات شر طوله بوصة أحدث ضوءاً يكفي للقراءة. وشبه إنجليزي آخر يدعى وول، صوت وضوء شرر مماثل أحدثه، بالرعد والبرق (١٧٠٨). وعقد نيوتن نفس المقارنة في١٧١٦، وأكد فرانكلن العلاقة في ١٧٤٩. وهكذا نرى الكون الهائل المستغلق، سنة بعد سنة، وعقلاً بعد عقل، يفضي بنتفه مغرية من سره المكنون.
[٦ - الكيمياء]
شهد هذا القرن الرائع علم الكيمياء يتطور من تجارب الخيمياء وأوهامها. وكانت الصناعة منذ زمن تجمع المعرفة الكيميائية عن طريق عمليات صهر الحديد، ودبغ الجلود، ومزج الأصباغ، وتخمير الجعة، ولكن فحص المواد في تركيبها، واتحادها، وتحولها، كان في أغلبه متروكاً للمشتغلين بالخيمياء الباحثين عن الذهب، أو للصيادلة المجهزين للعقاقير. أو للفلاسفة-من ديموقريطس إلى ديكارت-الحائرين في تركيب المادة. وقد حاول اندرياس ليبافيوس في ١٥٩٧، وجان فان هيلمونت في ١٦٤٠، الدخول إلى علم الكيمياء، ولكن كلا الرجلين شارك الخيميائيين أملهم في تحويل المعادن "الخسيسة" ذهباً. وقام بويل نفسه بتجارب بهذا الهدف. ففي ١٦٨٩ حصل على إلغاء لقانون إنجليزي قديم ضد "تكثير الذهب والفضة (٤٣) "، وعند وفاته (١٦٩١) خلف لمنفذي وصيته كمية من التراب الأحمر وتعليمات بمحاولة تحويلها إلى ذهب (٤٤). والآن وقد أصبح تحويل المعادن "كلشيها" للكيمياء، فإن في وسعنا أن نشيد بالعلم الذي انطوت عليه الخيمياء بما ندين اللهفة على الذهب ونخيفها.
وكانت أعظم لطمة وجهت إلى الخيمياء هي نشر كتاب بويل "الكيميائي الشكاك"(١٦٦١) وهو أول كتاب من عيون تاريخ