لعلنا لن نعرف قط هل جلس هدريان أروع شخصية في الأباطرة الرومان على عرش الإمبراطورية بأساليب العشق والغرام، أو لوثوق تراجان بكفايته وعظيم قدرته. فأما ديوكاسيوس فيقول إن "سبب تعيينه أنه مات تراجان ولم يكن له وارث، عملت أرملته بروتينا، وكانت تحب هدريان، على أن يخلفه على العرش (١٢). ويعيد اسبارتيانس Spartianus هذه القصة، ولكن بلوتينا وهدريان يكذبان هذه الشائعة، غير أنها رغم تكذيبها إياها ظلت تلوكها الألسن طوال حكمه، وقد فصل هو في الأمر بأن وزع هبات سخية على جنوده.
ويقول بيبليوس إيليوس هدريانس إن اسمه واسم أسرته مشتقان من مدينة أدريا الواقعة على البحر الأدرياوي، وتقول سيرته التي كتبها بنفسه إلى أسلافه هاجروا من هذه المدينة إلى أسبانيا. وشهدت مدينة إتلكا Italica الأسبانية التي ولد فيها تراجان في عام ٥٢ مولد ابن أخيه هدريان في عام ٧٦. ولما مات والد الغلام في عام ٨٦ كفله عمه تراجان وكيليوس أتيانس Caelius Attianus. وتولى ثانيهما تعليمه وغرس فيه حباً شديداً للأدب اليوناني جعل الناس يلقبونه به من قبيل الفكاهة غريقيولس Graeculus. ودرس أيضاً الغناء، والموسيقى، والطب، والعلوم الرياضية، والتصوير، والنحت، ثم مارس فيما بعد عدة فنون أخرى. واستدعاه تراجان إلى رومة (٩١) وزوجه بابنة أخيه (١٠٠) فيفيا سبينا. وكانت هذه الفتاة، كما تدل عليها صور تماثيلها النصفية، إن لم تكن