ذوي الحقوق الانتخابية إلا خلال الانتخابات للمجلس العام ومؤتمره السنوي، أم في باقي السنة فالمواطنون مجردون من السلطة. وفي تلك الفترة الطويلة كلها يكون مجلس الخمسة والعشرين الصغير هو الحكم الأعلى في القوانين، وفي مصير جميع الأفراد تبعاً لذلك، والواقع أن المواطنين والبرجوازيين الذين يبدون أصحاب سيادة في المجلس العام، يصبحون بعد فضه عبيداً لسلطة استبدادية بغير دفاع لرحمة خمسة وعشرين مستبداً (٥٦).
وكان هذا أقرب إلى الدعوة للثورة. ولكن روسو استنكر هذا الملجأ الأخير. ففي خطابه الأخير أثنى على البرجوازية باعتبارها أعقل طبقة في الدولة، وأكثرها حباً للسلام، محصورة بين طبقة أشراف غنية ظالمة، وجماهير متوحشة غبية (٥٧). ولكنه نصح المحتجين بالصبر والمصابرة، وبأن يركنوا إلى العدالة والزمن لينصفاهم من مظالمهم.
وأغضبت "خطابات الجبل" هذه أعداء روسو وساءت أصدقاءه .. وأفزعت هرطقاته القساوسة الجنيفيين، وزادهم فزعاً ادعاؤه أنهم يشاطرونه إياها. فأنقلب الآن عنف على القساوسة الكلفنيين ورماهم بأنهم "رعاع غشاشون، بطانة غبية، وذئاب مسعورة". "وأعرب عن إيثاره للكهنة الكاثوليك البسطاء في القرى والمدن الفرنسية (٥٨). ولم يستعن "المحتجون" بالخطابات في حملتهم الناجحة لنيل المزيد من السلطة السياسية؛ واعتبروا روسو حليفاً خطراً لا يركن إليهم، فاعتزم ألا يشارك بعدها بأي نصيب في السياسة الجنيفية".
[٤ - روسو وفولتير]
كان قد تساءل في الخطاب الخامس، لم لم يوحِ "المسيو فولتير" الذي "طالما زاره" أعضاء المجلس الجنيفيون، لهم "بروح التسامح تلك التي لا يني عن التبشير بها، والتي يحتاج هو إليها أحياناً؟ وأجرى على لسان فولتير حديثاً خيالياً (٥٩) يحبذ فيه حرية الكلام للفلاسفة بحجة أن قلة لا تُذكر