"يحزنني جداً موت مدام دبومبادور. كنت مديناً لها بالفضل، وأنا أبكيها عرفاناً بصنيعها، ويبدو من السخف أنه في الوقت الذي يظل فيه على قيد الحياة كاتب عجوز لا يكاد يقوى على المشي، تموت امرأة حسناء في عنفوان مجدها وهي بعد في الأربعين. ولو أنها استطاعت أن تعيش كما أعيش في هدوء، فربما كانت اليوم حية … لقد أوتيت إنصافاً في عقلها وقلبها … إنها نهاية حلم … (١٤) ".
[٢ - انتعاش فرنسا]
لم تفق فرنسا عن حرب السنين السبع إفاقة كاملة حتى جاء نابليون. ذلك أن الضرائب الثقيلة كانت قد ثبطت الزراعة أيام لويس الرابع عشر، وظلت تثبطها أيام لويس الخامس عشر، فتركت آلاف الأفدنة التي كانت تزرع في القرن السابع عشر بوراً في ١٧٦٠ وأخذت تتحول إلى براري قاحلة (١٥). واستنزفت الماشية والأغنام، وشحت المخصبات، وجفت التربة. وتشبث الفلاحون بطرق الفلاحة القديمة الرديئة، لأن الضرائب كانت تزاد مع كل تحسين يزيد من ثروتهم. وافتقر كثير من الفلاحون إلى الدفء في بيوتهم في الشتاء إلا أن يلتمسوه من الماشية التي تسكن معهم. وأتلفت نوبات شاذة من الصقيع في ١٧٦٠ و١٧٦٧ المحاصيل والكروم خلال نموها. وكان محصول سيئ واحد كفيلاً بأن يقرب قرية من المجاعة، ومن الخوف من الذئاب الجائعة الرابضة حولها.
ومع ذلك بدأ الانتعاش الاقتصادي بمجرد توقيع الصلح. كانت الحكومة عاجزة فاسدة، لكن إجراءات كثيرة اتخذت لإعانة الفلاحين. فوزع نظار الزراعة الملكيون البذار وشقوا الطرق، ونشرت الجمعيات الزراعية المعلومات الزراعية، وأقامت المسابقات، ومنحت الجوائز (١٦). واستجاب الكثير من السادة الإقطاعيين لحفز جماعة الفيزوقراطيين فاهتموا بتحسين وسائل الزراعة ومنتجاتها. وازداد عدد الملاك من الفلاحين. ففي عام ١٧٧٤ كان هناك ٦% فقط من السكان الفرنسيين يرزحون تحت نير القنية (١٧). ولكن كل زيادة في الإنتاج كانت تجلب معها زيادة في