السكان، فالأرض غنية، ولكن متوسط ملكية الفلاح صغيرة، وهكذا ظل الفقر جاثماً على الصدور.
ومن أصلاب الفلاحين جاء الفائض البشري الذي زود الصناعات في المدن النامية بالرجال. وكانت الصناعة باستثناءات قليلة لا تزال في المرحلة البيتية واليدوية. وسيطرت منظمات رأسمالية واسعة النطاق على صناعة المعادن، والتعدين، وصناعة الصابون، والمنسوجات. وكان بمرسيليا عام ١٧٦٠ خمسة وثلاثون مصنعاً للصابون تستخدم ألف عامل (١٨). وكانت ليون معتمدة في رخائها على السوق المتنقلة لنتاج أنوالها. وقد أدخلت آلات التمشيط الإنجليزية حوالي عام ١٧٥٠، وحوالي عام ١٧٧٠ بدأ دولاب الغزل الذي يدير ثمانية وأربعون مغزلاً في وقت واحد يحل محل عجلة الغزل في فرنسا. وكان الفرنسيون أسرع في الاختراع منهم في التطبيق؛ فقد أعوزهم رأس المال الذي استطاعت إنجلترا بفضل ثرائها من التجارة أن تستخدمه في تميل التحسينات الميكانيكية في الصناعة. وكانت الآلة البخارية قد عرفت في فرنسا منذ ١٦٨١ (١٩). واستعملها جوزف كونيو عام ١٧٦٩ لتشغيل أول سيارة معروفة؛ وبعد عام استعملت هذه السيارة لنقل الأحمال الثقيلة بسرعة أربعة أميال في الساعة، ولكن الآلة آفات زمامها فهدمت جداراً، وكان يجب يقفها كل خمس عشرة دقيقة لتزويدها بالماء (٢٠).
وكانت وسيلة النقل، غير هذه الاستثناءات الغريبة، هي الحصان، أو عربة الجدر، أو عربة الركوب، أو المركب، وكانت الطرق أو الترع تفضل نظائرها في إنجلترا كثيراً، ولكن الفنادق كانت أسوأ. وقد أسست خدمة بريدية منظمة عام ١٧٦٠؛ ولم تكن سرية تماماً، فقد أمر لويس الخامس عشر مديري البريد بأن يفتحوا الخطابات ويبلغوا الحكومة بأي محتوى مريب فيها (٢١). وتعطلت التجارة الداخلية من جراء المكوس، والتجارة الخارجية نتيجة للحرب وضياع المستعمرات. وأفلست شركة الهند وحلت (١٧٧٠). ولكن التجارة مع الدول الأوربية زادت زيادة كبيرة