خلال القرن. فارتفعت من ١٧٦. ٦٠٠. ٠٠٠ جنيه في ١٧١٦ إلى ٨٠٤. ٣٠٠. ٠٠٠ جنيه في ١٧٨٧، غير أن بعض هذه الزيادة لم تكن إلا انعكاساً للتضخم، وازدهرت التجارة مع جزر الهند الغربية والفرنسية في السكر والعبيد.
وكان للتضخم التدريجي، الراجع بعضه إلى تزييف العملة، وبعضه إلى إنتاج العالم المتزايد من الذهب والفضة، أثر مشجع للمغامرة الصناعية والتجارية فمان رجل الأعمال يستطيع عادة أن يتوقع بيع ناتجه بسعر أعلى مما اشترى به عرق العمال ومواد الصناعة. وهكذا تضخمت ثروات الطبقة الوسطى، في حين بذلت الطبقات الدنيا ما وسعها من جهد لتقرب بين دخولها وبين الأسعار. على أن هذا التضخم الذي مكن الحكومة من غش دائنيها هبط بقيمة دخلها، فارتفعت الضرائب بنزول قيمة الجنيه، وأصبح الملك معتمداً على كبار الصيارفة أمثال إخوان باري، لا سيم باري-دوفرنيه، الذي أبهج بومبادور كثيراً بشعوذته المالية حتى استطاع خلال الحرب أن يرفع الوزراء والقواد ويخفضهم.
وكان أهم تطور اقتصادي في فرنسا القرن الثامن عشر معظم الثروة من ملاك الأرض إلى المسيطرين على الصناعة، أو التجارة، أو المال، ولاحظ فولتير في ١٧٥٥ "نضراً إلى مغانم التجارة المتزايدة .. نقصت ثروة كبار القوم عن ذي قبل، وزادت الثروة في الطبقة الوسطى. وأسفر هذا عن تقريب الفجوة بين الطبقتين"(٢٢) واستطاع رجال أعمال مثل لابوبلنيير أن يشيدوا قصوراً يحسدهم عليها الأشراف، وأن يزينوا موائدهم بأعظم الشعراء والفلاسفة في المملكة، وغدت البرجوازية راعية الآداب والفنون. وعزت الأرستقراطية نفسها بالتشبث بامتيازاتها والظهور بمظهرها الرفيع. وأصرت على نبل المولد شرطاً للانخراط في وظائف ضباط الجيش أو الأساقفة، وتباهت بشعارات نبالتها وأنسابها المتكاثرة؛ وكافحت-عبثاً في كثير من الحيان-لتقصي أفراد الطبقة العامة الأكفاء أو النابهين عن الوظائف الإدارية العليا وعن البلاط. وطالب البرجوازي الغني بأن يفتح مجال الترقي للموهبة أياً كان نسب صاحبها، فلما أغفل مطلبه راودته فكرة الثورة.