لقد كانت الغلطة التي تتصف بها آداب العصور الوسطى بوجه عام يخففها بعض ما في التأديب والمجلات الإقطاعية من ظرف. فقد كان الرجال إذا التقوا يسلم بعضهم على بعض باليد، كأن هذا عهد منهم بالمسالمة وعدم الاستعداد لاستلام السيف. وكان ألقاب الشرف لا حصر لها وكانت متفاوتة المنزلة تبلغ المائة عدا، وكان من العادات الظريفة أن يخاطب كل كبير بلقبه واسمه الأول أو اسم ضيعته. وقد سن قانون للآداب يتبعه أفراد المجتمع الراقي في الظروف المختلفة- في البيت، وفي أثناء الرقص، وفي الشوارع، وفي ألعاب البرجاس، وفي بلاط الملك، وكان على السيدات أن يتعلمن كيف يمشين، ويحيين، ويركبن الخيل، ويلعبن، ويحملن الصقور برشاقة على معاصمهن … ، وكانت هذه الآداب كلها وأخرى مثلها للرجال تؤلف ما يعرف باسم آداب البلاط Courtoisie. وقد نشرت القرن الثالث عشر إرشادات كثيرة الآداب اللياقة (١٣٠).
وكان المسافر ينتظر المجاملات والضيافة من أبناء طبقته. فكان المسافرون يستضافون أثناء سفرهم في أديرة الرجال إن كانوا ذكوراً والمسافرات يستضفن في أديرة النساء، على سبيل الصدقة إن كانوا فقراء أو نظير أجور أو هبات إن كانوا أغنياء. وقد أنشأ الرهبان منذ القرن الثامن مضايف عند ممرات جبال الألب، وكان لبعض الأديرة بيوت كبرى للضيوف تتسع لثلاثمائة من المسافرين وبها إسطبلات لخيولهم (١٣١). على أن معظم المسافرين كانوا ينزلون في "نزل" أنشئت على الطريق، وكانت رخيصة الأجور، وفي استطاعته الرجل أن يجد فيها مومساً بأجر