للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثالث

[النقود]

وأحدث هذا التوسع العظيم في التجارة والصناعة انقلاباً كبيراً في الأعمال المالية، فأما التجارة فلم يكن في مقدورها أن تتقدم ما دامت قائمة على المبادلة، بل أضحت تتطلب مستوى ثابتاً للقيم، وواسطة للتبادل سهلة، ووسيلة ميسرة مفتوحة لاستثمار الأموال.

وكان من حق سادة الإقطاع وكبار رجال الدين في القارة الأوربية في عهد الإقطاع أن يسكوا النقود، ولهذا عانى الاقتصاد الأوربي الأمرين من جراء الفوضى النقدية التي كانت أسوأ من فوضى هذه الأيام؛ وزادت هذه الفوضى النقدية بفعل مزيفي العملة وقارضيها، وكان الملوك يأمرون بأن تقطع أطراف من يرتكبون هذه الأعمال أو أعضاؤهم التناسلية أو أن تقلى أجسامهم وهم أحياء (٣٠)، ولكن الملوك أنفسهم كثيراً ما كانوا يخفضون قيمة نقدهم (١). وقل وجود الذهب بعد أن فتح المسلمون بلاد الشرق، فكان النقد بأجمعه بين القرنين الثاني والثالث عشر يصنع من الفضة أو المعادن الخسيسة، ذلك أن الذهب والحضارة يتلازمان كثرة وقلة (٢).


(١) جاء في السجل الإنجليزي السكسوني عن سنة ١١٢٥: "وأمر الملك هنري أن تقطع من كل الذي يضرب العملة (يقصد من يزيفها) .. يده اليمنى وخصيتاه من تحته".
(٢) هذا حكم من المؤلف غريب لا نعتقد أنه يصدق في كل الأزمنة أو في كل البلاد. المترجم