للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أن العملة الذهبية ظلت تضرب في الإمبراطورية البيزنطية طوال العصور الوسطى؛ ولما أن كثر الاتصال بين الغرب والشرق أخذت النقود البيزنطية الذهبية المعروفة بالبيزانط Bezants في بلاد الغرب، أخذت هذه النقود يتعامل بها في كافة أنحاء أوربا، وكان لها من الاحترام في العالم المسيحي أكثر ما لسائر النقود. ولما رأى فردريك الثاني ما للعملة الذهبية المستقرة في بلاد الشرق الأدنى من أثر طيب في تلك البلاد سك في إيطاليا أولى العملات الذهبية في أوربا الغربية. وسمي هذه العملة أوغسطالس Augustales مقلداً بهذا في صراحة نقد أغسطس ومكانته. والحق أنها كانت خليقة بهذه التسمية، لأنها، وإن كانت تقليداً لعملة الشرق، كانت ذات طابع فخم. وسمت من فورها إلى أعلى مستوى في فن المسكوكات في العصور الوسطى؛ وأصدرت جنوى وفلورنس في عام ١٢٥٣ مسكوكات ذهبية؛ وكان الفلورين الفلورنسي، الذي تعادل قيمته زنة رطل من الفضة أجمل وأبقى هذه المسكوكات، وكان يقبل في جميع أنحاء أوربا؛ ولم يحل عام ١٢٨٤ حتى كان لجميع دول أوربا الكبرى، ما عدا إنجلترا، عملة ذهبية يوثق بها- وذلك جهد عظيم مشكور ضحى به في الفوضى الضاربة أطنابها في القرن العشرين.

وقبل أن يختتم القرن الثالث عشر كان ملوك فرنسا قد ابتاعوا أو صادروا كل ما لسادة الإقطاع من حقوق تخول لهم سك العملة إلا القليل الذي لا يكاد يستحق الذكر من هذه الحقوق، وظل نظام النقد الفرنسي حتى عام ١٧٨٩ محتفظاً بالمصطلحات التي وضعها له شارلمان، وإن لم يحافظ على قيمتها؛ فكان فيه الليرا (Livra) أو الجنيه الفضي، والصلدي (sou) وهو ١ slash ٣٠ من الجنيه، والدينار (denier) وهو ٢ slash ١٢ من الصلدي. وأدخلت غارة الرومان هذا النظام النقدي في إنجلترا، وفيها أيضاً كان الجنيه الإنجليزي يقسم عشرين قسماً يسمى واحدها