كولبير ومراجعتها سواء في الحكم أو القانون. وعرفت فرنسا طوال عشر سنوات من الثراء ما لم تعرفه من قبل. ثم انحسر هذا الثراء لعيوب النظام وأخطاء الملك. وقد احتج كولبير على إسراف الملك والبلاط. وعلى آفة الحرب التي كانت تنحر جسد فرنسا في شيخوخته، ولكن التعاريف العالية التي فرضها، شأنها في هذا شأن لويس بالسطوة والمجد-هي التي أفضت إلى بعض هذه الحروب. وندد غرماء فرنسا البحريون بإقفال موانيها في وجه بضائعهم. ووقع على كواهل الفلاحين ومهرة الصناع عبء إصلاحات كولبير، بل أن رجال الأعمال الذين أثرتهم هذه الإصلاحات اتهموه بأن لوائحه عوقت التطور. قال أحدهم للوزير "لقد وجدت العربة مقلوبة على أحد جنبيها، فقلبتها على الآخر"(٧١) فلما مات (في سبتمبر ١٦٨٣) رجلاً محطماً مهزوماً، اضطر ذووه إلى دفن جثمانه ليلاً مخافة أن يسبه الناس في الشوارع (٧٢).
[٥ - الآداب والأخلاق]
كان العهد عهد الآداب الصارمة والأخلاق المنحلة. وكان اللباس شعيرة المركز الاجتماعي. فهو في أواسط القوم غاية في البساطة- سترة سوداء تغطي في تواضع القميص والسراويل والسيقان. أما في الصفوة فهو بهي فاخر، وهو في الرجال أبهى وأفخر منه في النساء. فكانت القبعات كبيرة لينة، لها حاشية عريضة مزركشة بجديلة من الذهب، تمال إلى أعلى في جانب أو ثلاثة جوانب، وتختال بحزمة من الريش يضمها مشبك معدني. وحين ارتقى لويس العرش نبذ- ونبذ من بعده البلاط- تلك الباروكات التي أشاع زيها أبوه الأصلع، فقد كانت تلافيف شعر الملك الشاب الكستنائي أروع وأبهى من تخبأ، ولكن حين بدأ شعره ينحل بعد ١٦٧٠، اتخذ الشعر المستعار، وما لبث أن توج كل رأس- أيا كان طموح حامله- وسواء في فرنسا أو إنجلترا أو ألمانيا، بعقوص مستعارة مبدرة تنسدل